مقال

الدكرورى يكتب عن رمضان شهر العبادة والغفران ” جزء 5″

جريدة الأضواء

الدكرورى يكتب عن رمضان شهر العبادة والغفران ” جزء 5″
بقلم / محمـــد الدكـــرورى

ونكمل الجزء الخامس مع رمضان شهر العبادة والغفران، يا باغى الخير أقبل، أقبل على الله وأعرض عما سواه، أقبل على الله بالطاعات والقروبات والصدقات وفعل الخيرات، أقبل بكل أنواع الإقبال على الله فإن الله مقبل عليك سبحانه وتعالى ويتقبل منك القليل والكثير ويضاعف لك القليل أضعاف كثيرة، فقال تعالى ” إن الله لا يظلم مثقال ذرة وإن تك حسنة يضاعفها ويؤت من لدنه أجرا عظيما” فأقبل على الله بكل أنواع الإقبال فإن الله مقبل عليك ما دمت مقبل عليه، أما إذا أعرضت عن الله فإن الله عز وجل يعرض عنك فهو غني عنك وأنت الفقير المحتاج إليه، ويا باغى الشر أقصر، فيا من يريد إضلال الناس وإغواء الناس وإفساد الناس، ويا من يريد إشغال الناس بالملاهى والمعازف والمزامير، ويا من يريد إشغال الناس بالأفلام والخزعبلات.

ويا من يريد إشغال الناس بالمضحكات والملهيات أقصر، وأقصر فأخسر وأخسأ عدو الله فإنك مهزوم وإنك مغبون وإنك مطرود فعليك أن تعرف قدر نفسك ولا تشغل المسلمين، فيا باغي الشر أقصر، أقصر عن الشر فإن لم تقصر فستقصر بأمر الله سبحانه وتعالى وستخصر يوم لا ينفعك الندم، وإن العبادات الشعائرية لا تقطف ثمارها إلا إذا صحت العبادات التعاملية، والعبادات الشعائرية تشبه ساعات الامتحان الثلاثة، والعبادات التعاملية تشبه العام الدراسي بأكمله، فمن لم يدرس، ومن لم يداوم، ومن لم يحفظ، ماذا يفعل بهذه الساعات الثلاث، لا معنى لها، لقد فقدت معناها، قيمة هذه الساعات الثلاث، وساعات الامتحان التي هى بمثابة العبادات الشعائرية قيمتها مِن قيمة العبادات التعاملية، وهذا مثل الذى يفتتح شركة ويعيِّن مندوبين للمبيعات.

فيأتى المندوب صباحا ليأخذ التعليمات، ويعود مساء بالربح، ويعطيه أجره كل يوم، فأنت حينما تأتى إلى المسجد كذلك، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو ويقول” اللهم افتح لي أبواب رحمتك” أما حينما تخرج من المسجد فتقول” اللهم افتح لي أبواب فضلك” وإن للعبادات الشعائرية شأن خطير، إذا صحبها التزام دقيق، وصحبها طاعة لله، وصحبها ضبط للأمور، وصحبها إقامة الإسلام، وصحبها إقبال على الواحد الديان، عندئذ تصح هذه العبادات وتقطف ثمارها، ولكن يجب على من يؤدى العبادات الشعائرية أداء شكليا لا تؤدى هذه العبادات، ولكن أضف إليها طاعة الله عز وجل، وأضف إليها ضبط اللسان، وأن تحفظ الرأس وما وعى، والبطن وما حوى، وأن تذكر الموت والبلى، فإن رمضان فرصة ذهبية سنوية تصطلح فيه مع الله.

بماذا أمرك الله في رمضان؟ هو أن تدع الطعام والشراب، وأن تدع ما هو مباح لك فى الليل، فأنت حينما تفعل شيئا من المعاصى يختل توازنك، فلقد تركت المباح، فلأن تدع المحرَّم من باب أولى، فهذا الذى يغتاب، وهذا الذى يشهد شهادة زور، وهذا الذى يحلف أيمانا كاذبة، وهذا الذى يطلق بصره فى رمضان، وهو ممتنع عما هو مباح خارج رمضان، فلأن يكون ممتنعا عن الحرام من باب أولى، ويختل توازن الصائم، حينما يدع ما هو مباح، ويقترف ما هو غير مباح، وهذا الذى لا يستطيع أن يدع طعامه وشرابه، ولا يستطيع أن يدع معاشرة أهله، ولا أن يدع المعاصى والآثام، فهذا منهزم أمام نفسه، ولن يستطيع أن ينتصر على عدو فى حياته كلها، ولن تستطيع أن تنتصر على عدو إلا إذا كنت منتصرا على نفسك في رمضان، فلماذا كان النبى صلى الله عليه وسلم من بني البشر.

ولماذا كان يجرى عليه كل ما يجرى على البشر، لأنه انتصر على نفسه فكان سيد البشر، وإن هناك معنى آخر من معانى الصيام، وهو أنه أنت مفتقر إلى الله عز وجل، مفتقر في وجودك إليه، ومفتقر إليه في استمرار وجودك، مفتقر في كمال وجودك إليه، ومفتقر إلى هذه اللقيمات التي تأكلها، ومفتقر إلى كأس الماء الذى تشربه، أنت في الإفطار تأكل وتشرب وتنام، وتشعر بقوة وحيوية ونشاط، ولكن حينما تدع الطعام تشعر أنك امرؤ ضعيف، وأنك امرؤ مفتقر فى وجودك إلى لقيمات تضعها فى فمك، فهذا الذى يقول أنا، ويقول أنا، ويطغى، ويتكبر، وينسى المبتدى والمنتهى، ويعلو على عباد الله فهذا ما عرف حقيقة نفسه، فلعل من معانى الصيام أن تكتشف عبوديتك لله عز وجل، وأن تكتشف افتقارك إليه، ودائما وأبدا حينما تعتد بنفسك يتخلى الله عنك.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى