مقال

الدكرورى يكتب عن رمضان شهر العبادة والغفران ” جزء 7″

جريدة الأضواء

الدكرورى يكتب عن رمضان شهر العبادة والغفران ” جزء 7″
بقلم / محمـــد الدكـــرورى

ونكمل الجزء السابع مع رمضان شهر العبادة والغفران، إذن ما انتفعت من رمضان شيئا، فعلى المسلم أن يهيئ نفسه لاستقبال هذا الشهر العظيم، فإن هناك معانى كثيرة فى رمضان، وهكذ فكيف أن المركبة أحيانا ينبغى أن يُحمَّى محركها، كي يكون جاهزا مع أول انطلاقة إلى هدفها، كذلك نحن قبل رمضان نهيئ أنفسنا لاستقبال هذا الشهر العظيم فلعل الله سبحانه وتعالى يجعلنا من عتقاء شهر رمضان، ولا بد من أن أذكر لكم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سنته القولية معرفتها فرض عين، وسيرته العملية معرفتها فرض عين، لماذا؟ لأن الله يأمرك ويقول تعالى فى سورة الحشر ” وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا ” ولكن كيف نأتمر؟ فما أعطانا رسول الله صلى الله عليه وسلم من أوامر نأتمر به، وكيف ننتهى عما نهانا عنه، فإن لم نعرف.

فلا بد من لزوم مجالس العلم، وهذا الوهم أن يقول أنا لست بحاجة إلى هذه المجالس، فمن قال لك ذلك؟ فأنت في أمس الحاجة إليها، فكيف تعبد الله؟ إن لم تعرف أمره ونهيه، وكيف تعالج نفسك من ضغط الدم المرتفع لا سمح الله، إن لم تقس ضغطك كل يوم، فلن تعرف هل عندك ضغط مرتفع أم لا؟ وكيف تعبد الله؟ وكيف تأتمر بما أمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ وكيف تنتهى عما نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فإن لم تعرف ماذا يأمر، وعن ماذا نهى تبقي جاهلا، فأنت حينما تحضر درس تفسير، أو درس حديث شريف، أو درس فقه، فأنت تفعل شيئا من صلب الدين، لأنه اتباع بلا معرفة، وما مشكلة أهل النار في النار إلا من قولهم كما قال الله تعالى قى سورة الملك ” وقالوا لو كنا نسمع أو نعقل ما كنا فى أصحاب السعير” فإن أزمة أهل النار هى أزمة علم فقط.

لذلك كما أنك إذا أديت زكاة مالك حفظ الله لك بقية مالك، وإذا أديت زكاة الوقت بارك الله لك في وقتك، وأداء زكاة الوقت وهو أن تقتطع منه جزءا لمعرفة الله تعالى، ألم يقل الله عز وجل فى سورة الفرقان ” وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هونا” فما معنى هونا؟ وهو يعنى أنه عُرف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه إذا سار كأنه ينحط من صبب، والسيدة عائشة تقول “رحم الله عمرا ما رأيت أزهد منه، كان إذا سار أسرع، وإذا أطعم أشبع، وإذا قال أسمع” فكيف يمشون هونا ويمشون هونا أى لا يسمحون للدنيا أن تصرفهم عن هدفهم، ولا يسمحون لمشكلاتهم أن تبعدهم عن تحقيق ذواتهم، ولا يسمحون لمعركة جانبية في الدنيا أن تحجبهم عن خالقهم، يمشون هونا، أى أنهم يقتطعون من وقتهم الثمين وقتا لمعرفة الله تعالى، لحضور مجالس العلم.

ولتلاوة القرآن، ولقراءة السنة النبوية الشريفة، أما ألا نعبأ إلا بالعمل الدنيوى، وإلا بكسب المال، فمثل هذا الإنسان يأتيه الموت فجأة، وهو صفر اليدين، فيقول كما وصفه لنا المولى سبحانه وتعالى كما جاء فى سورة الفجر ” يقول يا ليتنى قدمت لحياتى، فيومئذ لا يعذب عذابه أحد ولا يوثق وثاقه أحد” فيجب علينا جميعا أن نستقبل هذا الشهر الكريم بأسلوب يرضى الله عز وجل، وبطريقة وفق منهج الله تعالى، ولا نتبع التقاليد والعادات التي ألفها مجتمعنا، والتى حجبته عن الله عز وجل، وحجبته عن قطف ثمار العبادة، فهناك عبادة الجهلاء وهى ترك الطعام والشراب فقط، وهناك عبادة المؤمنين وهى ترك كل مخالفة لا ترضي الله عز وجل، ولكن عبادة الأتقياء هو ترك ما سوى الله، ورمضان هو إما أن تدافع التدنى، أو أن تتابع الترقى.

وهو فرصة سنوية لا تقدر بثمن لفتح صفحة جديدة مع الله عز وجل، ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه “من صام إيمانا واحتسابا غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر” وإن من أنسب الأمور التى يجب أن نستعد بها ونعيش بها في رمضان هو التوبة، والإمام الغزالى رحمه الله يقول “التوبة علم، وحال، وعمل” فهى علم لأنك إن لم تعرف منهج الله التفصيلي لم تعرف ذنوبك، وبالتالى لا تتوب منها، وأنت لا تتوب من ذنب إلا إذا عرفت أنه ذنب، لذلك ما لى أرى الناس يغرقون في المعاصى ويقول ماذا نعمل، فما من إنسان إلا ويقول قائلهم أنا مستقيم، والحمد لله، وأنا أحب الله، وأنا أعمل للجنة، ولا ترى في عمله ما يؤكد ذلك، وهذا إما أنه يتجاهل، أو يجهل، وعلى كل إذا أحسنا الظن به يجهل، إذن لا بد من أن يكون لك عمل يحملك على التوبة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى