مقال

الدكرورى يكتب عن رمضان شهر العبادة والغفران ” جزء 4″

جريدة الأضواء

الدكرورى يكتب عن رمضان شهر العبادة والغفران ” جزء 4″
بقلم / محمـــد الدكـــرورى

ونكمل الجزء الرابع مع رمضان شهر العبادة والغفران، وكما هو مدون فى الكتب المروية بأسانيد الثقات عن السلف الصالح أنهم كانوا يسألون الله عز وجل أن يبلغهم رمضان قبل أن يدخل يسألون الله أن يبلغهم شهر رمضان لما يعلمون فيه من الخير العظيم والنفع العميم ثم إذا دخل رمضان يسألون الله أن يعينهم على العمل الصالح فيه ثم إذا انتهى رمضان يسألون الله أن يتقبله منهم وكانوا يجتهدون فى العمل ثم يصيبهم الهم بعد العمل، هل يقبل أو لا يقبل وذلك لعلمهم بعظمة الله عز وجل وعلمهم بأن الله لا يقبل إلا ما كان خالصا لوجهه وصوابا على سنة رسوله صلى الله عليه وسلم من الأعمال فكانوا لا يزكون أنفسهم ويخشون من أن تبطل أعمالهم فهم لها أن تقبل أشد منهم تعبا فى أدائها لأن الله عز وجل يقول ” إنما يتقبل الله من المتقين”

وكانوا يتفرغون فى هذا الشهر للعبادة ويتقللون من أعمال الدنيا وكانوا يوفرون الوقت للجلوس في بيوت الله عز وجل ويقولون نحفظ صومنا ولا نغتاب أحدا ويحضرون المصاحف ويتدارسون كتاب الله سبحانه وكانوا يحفظون أوقاته من الضياع ما كانوا يهملون أو يفرطون كما عليه حال الكثير اليوم بل كانوا يحفظون أوقاته الليل في القيام والنهار بالصيام وتلاوة القرآن وذكر الله وأعمال الخير ما كانوا يفرطون في دقيقة منه أو في لحظة منه إلا ويقدمون فيها عملا صالحا، وقال ابن عبد الحكم كان الإمام مالك إذا دخل رمضان يفر من قراءة الحديث ومجالسة أهل العلم وأقبل على تلاوة القرآن من المصحف، وقال عبد الرزاق كان سفيان الثورى إذا دخل رمضان ترك جميع العبادة وأقبل على قراءة القرآن، فهذا هو استعداد سلفنا الصالح لهذا الشهر الفضيل.

فهلا استعدينا الاستعداد المناسب للعيش في هذا الشهر الفضيل ؟ وقد صعد النبي الكريم صلى الله عليه وسلم منبره، فلما صعد الدرجة الأولى قال آمين، فلما صعد الدرجة الثانية قال آمين، فلما صعد الدرجة الثالثة قال آمين، وبعد أن انتهى من خطبته سأله أصحابه يا رسول الله على ما أمنت؟ قال صلى الله عليه وسلم جاءني جبريل فقال لى رغم أنف عبد أدرك والديه فلم يدخلاه الجنة، فقلت آمين، ثم جاءنى، وقال رغم أنف عبد ذكرت عنده فلم يصلى علي، فقلت آمين، ثم قال رغم أنف عبد أدرك رمضان فلم يغفر له” فإن لم يُغفر له في رمضان فمتى؟ ولو تتبعنا أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحى يوحى، لوجدنا أن الإسلام كل لا يتجزأ وأن الإسلام منهج كامل، ولن نقطف ثماره لا فى الدنيا ولا في الآخرة إلا إذا أخذناه بكامله.

أما أن ننتقي من الإسلام ما هو هين لين، وما فيه وجاهة وراحة، وندع ما هو قيد لنا، فهذا ليس من الدين في شيء، فكنا منذ أيام قليلة ننادي ونقول رمضان يا شهر الخير والبركات، ها هى أكبادنا قد ذابت شوقا إليك ورجاء فى لقائك، وأرواحنا تعطشت لصلاة التراويح وها هى الدموع تفيض من أرواحنا شوقا إليك فمتى يحين اللقاء؟ رمضان يا شهر التقاء الأرواح مع بعضها، يا شهر الألفة والمحبة واجتماع الأقارب والأهالي، وإنه ينادى منادى كل ليلة من ليالى شهر رمضان فيقول يا باغى الخير أقبل، ويا باغى الشر أقصر، ولله عتقاء من النار وذلك فى كل ليلة، فيا باغى الخير أقبل فهل من أحد لا يريد الخير؟ فقد جاء رمضان فهل نجد ونجتهد فيه، فكلنا يريد الخير وكل الناس يريدون الخير، لكن الشأن لا يقتصر على الإرادة فلابد من العمل.

فإذا أردت الخير فعليك بالعمل فقال تعالى فى كتابه الكريم كما جاء فى سورة الإسراء ” ومن أراد الآخرة وسعى لها سعيها وهو مؤمن فأولئك كان سعيهم مشكورا” فإذا أردت الخير فالعمل، فأعمل الخير ولا يكفى الإرادة فإن فى الحديث أن العاجز من اتبع نفسه هواها وتمن على الله الأمانى، فالأمانى لا تنفع والإرادة وحدها من دون عمل لا تنفع، فيا باغى الخير أقبل، أقبل على الله بالطاعات وأقبل على الله بالقوربات، وإن أول ذلك هو المحافظة على الفرائض فى أوقاتها ثم بقية الأعمال فبادر بها نوعها واشتغل بها فإنك بحاجة إليها عما قريب والله عما قريب ستحتاج إلى الحسنة الواحدة حينما يحضرك الأجل ويختم العمل وتتمنى الرجوع لعمل صالحا فلا تمكن من ذلك، فأنت الآن فى زمن الطلب وفي زمن الأمنية وقد أهلّ الله عليك هذا الشهر فبادره بالطاعات والقروبات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى