مقال

الدكرورى يكتب عن رمضان شهر العبادة والغفران ” جزء 3″

جريدة الأضواء

الدكرورى يكتب عن رمضان شهر العبادة والغفران ” جزء 3″
بقلم / محمـــد الدكـــرورى

ونكمل الجزء الثالث مع رمضان شهر العبادة والغفران، وكذلك اللصقات التي توضع على الجلد لا تفطر، والمراهم والأدهان التي يُدهن بها الجلد أو الشفتين أو الوجه لا تفطر، وكذلك السواك إذا ما كان فيه أطعمة إضافية كطعم الليمون والنعناع وغيرها أما السواك الطبيعي لا يفطر، إذن الأشياء التي ليس فيها مغذيات لا تفطر إذا تعاطها بالحقن والتحاميل مثلا، وإذا قال أنا لا أعلم هل علي قضاء أم لأني نسيت أنا في شك، فإن الأصل براءة الذمة، والأصل أن ذمتك بريئة حتى يثبت أن هناك ما يشغلها، ولنعلم أن للصائم فرحتين الفرحة الأولى عند فطره إذا أفطر فرح بفطره، فرح بفطره من وجهين الوجه الأول أنه أدى فريضة من فرائض الله وأنعم الله بها عليه وكم من إنسان في المقابر يتمنى أن يصوم يوما واحدا فلا يكون له وهذا قد منَّ الله عليه بالصوم.

فصام فهذه نعمة فكم من إنسان شرع في الصوم ولم يتمه فإذا أفطر فرح لأنه أدى فريضة من فرائض الله ويفرح أيضا فرحا آخر وهو أن الله أحل له ما يوافق طبيعته من المآكل والمشارب والمناكح بعد أن كان ممنوعا منها فهاتان فرحتان في الفطر الأولى أن الله منَّ عليه بإتمام هذه الفريضة، والثانية أن الله منَّ عليه بما أحل له من محبوباته من طعام وشراب ونكاح، وعن عبد الله بن عمرو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال “الصيام والقرآن يشفعان للعبد يوم القيامة، يقول الصيام أى رب، منعته الطعام والشهوات بالنهار فشفعني فيه، ويقول القرآن منعته النوم بالليل فشفعني فيه، قال فيُشفعان “رواه أحمد، وإن الإشارة إلى الحكمة من فرض الصوم حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم” فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب”

يعنى لا يقول قولا يأثم به ولا يصخب فيتكلم بكلام صخب بل يكون وقورا مطمئنا متأنيا فإن سابه أحد أو شاتمه فلا يرفع صوته عليه بل يقول إني صائم، فيقول ذلك لئلا يتعالى عليه الذى سابه كأنه يقول أنا لست عاجزا عن أن أقابلك بما سببتني ولكني صائم يمنعني صومى من الرد عليك وعلى هذا فيقوله جهرا، كذلك أيضا إذا قال إني صائم، فهو يردع نفسه عن مقابلة هذا الذى سابه كأنه يقول لنفسه إني صائم فلا تردى على هذا الذي سب، وهذا أيضا معنى جليل عظيم ولهذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رأى من الدنيا ما يعجبه وخاف أن تتعلق نفسه بذلك قال” لبيك إن العيش عيش الآخرة ” فالنفس مجبولة على محبة ما تميل إليه فإذا رأى ما يعجبه من الدنيا فليقل لبيك يعني إجابة لك يا رب، إن العيش عيش الآخرة أما عيش الدنيا فزائل وفان.

وكذلك فإنه يجب الإستعداد بالجود والجود هو بذل المحبوب من مال أو عمل والإنسان يجود بماله فيعطي الفقير ويهدى إلى الغني ويواسي المحتاج، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم “أجود الناس” بماله وبدنه وعلمه ودعوته ونصيحته وكل ما ينفع الخلق وكان أجود ما يكون في رمضان لأن رمضان شهر الجود يجود الله فيه على العباد والعباد الموفقون يجودون على إخوانهم والله تعالى جواد يحب الجود” وقال النووى رحمه الله وهو يعدد فوائد الحديث ” ومنها استحباب إكثار الجود في رمضان ومنها زيادة الجود والخير عند ملاقاة الصالحين وعقب فراقهم للتأثر بلقائهم” وكذلك أيضا الاستعداد لقيام الليل ولو بركعات قليلة وتبدأ صلاة الليل بعد صلاة العشاء حتى أذان الفجر، فيستحب أن يدرب المسلم نفسه على صلاة الليل، وكذلك التنافس في كسب الأجر.

وتحصيل الحسنات فإن التنافس نزعة متأصلة في داخل كل إنسان، وتعني التسابق نحو النفيس من الأمور في نظر المتنافسين والراغب في جنة الخلد يجب عليه العمل بجد ومثابرة وإخلاص، حتى يحظى بالغفران والجائزة، فعلينا أن نعيش في هذا الشهر بالتنافس في تحصيل الثواب والأجر ولا نتكاسل ونرتمي في أحضان شياطين الأنس والجن، فرُوي عن الحسن بن أبى الحسن البصرى أنه مر بقوم وهم يضحكون فقال “إن الله عز وجل جعل شهر رمضان مضمارا لخلقه، يستبقون فيه لطاعته فسبق قوم ففازوا، وتخلف قوم فخابوا، فالعجب كل العجب للضاحك اللاعب في اليوم الذي فاز فيه السابقون وخاب فيه المبطلون أما والله لو كشف الغطاء لاشتغل المحسن بإحسانه والمسيء بإساءته، أى بمعنى كان سرور المقبول يشغله عن اللعب، وحسرة المردود تسدّ عليه باب الضحك.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى