غير مصنف

الدكروري يكتب عن التنافس في أعمال الخير” جزء 4″

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

ونكمل الجزء الرابع مع التنافس في أعمال الخير، ولأن عمل الآخرة طريق صحيح، لا يحتاج إلى تأمل وتفكر، ويحتاج إلى المبادرة قبل الفوات لأن كل يوم يمضي هو من الفوات، وبعد الفوات يكون الندم، والندم لا يغني عن العاقل شيئا، فالمسارعة والمسابقة والمنافسة لهم بعض السمات الأساسية منها أن المسارعة والمنافسة والمسابقة مطلب شرعي وأمر إلهي، ووصية نبوية، فقال تعالى كما جاء فى سورة آل عمران ” وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين” وإن السابقون في الدنيا إلى فعل الخيرات والمتطوعون في خدمة الإنسان هم السابقون في الآخرة لدخول الجنات، فقال السعدى “فمن سبق فى الدنيا إلى الخيرات فهو السابق في الآخرة إلى الجنات، فالسابقون أعلى الخلق درجة” وقد ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال.

“اغتنم خمسا قبل خمس، شبابك قبل هرمك، وصحتك قبل سقمك، وغناك قبل فقرك، وفراغك قبل شغلك، وحياتك قبل موتك” رواه الحاكم، فإن المسارعة والمسابقة في السير إلى الله تعالى، لا مجال فيها للروية والتؤدة والأناة فيقول النبي صلى الله عليه وسلم ” التؤدة فى كل شئ إلا فى عمل الآخرة” رواه أبو داود، وقال وهيب بن الورد “إن استطعت أن لا يسبقك إلى الله أحد فافعل” وقال الخليفة الراشد عمر بن عبد العزيز في حجة حجها عند دفع الناس من عرفة “ليس السابق اليوم من سبق به بعيره، إنما السابق من غُفر له” وإن المسارعة والمسابقة في الخير صفة من صفات المؤمنين الموحدين، وذكر الله سبب استجابته لدعاء عبده زكريا أنه كان يسارع في الخيرات، وإن التفاضل في الجنة بحسب السبق والمسارعة، وإن مقامات الناس في الآخرة مبنية على مقاماتهم.

في السير إلى الله تعالى في الدنيا، وإذا كان الناس يتفاوتون في طبقاتهم في الدنيا فإن تفاوتهم سيكون في الآخرة أكبر وأوضح، ولقد كان الصالحون ممن قبلنا يفقهون عن الله تعالى مراده في كتابه عندما حث على المسارعة في الخيرات، ففهموا أنها مسابقة حقيقية تحتاج إلى تحفز وتشمير، كما يفعل المتسابق في الطريق، فإنها المسارعة في السير إلى الله تعالى، والتي تكون عاقبتها الرضا من الله تعالى، كما قال نبى الله موسى عليه السلام كما جاء فى سورة طه ” وعجلت إليك رب لترضى” ولقد سادت روح المنافسة في الخيرات بين المسلمين الأوائل، ولقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم مثالا أعلى في المسارعة إلى الخير، فعن أبي سروعة عقبة بن الحارث رضى الله عنه قال “صليت وراء النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة صلاة العصر، فسلم ثم قام مسرعا.

فتخطى رقاب الناس إلى بعض حُجر نسائه، ففزع الناس من سرعته، فخرج إليهم، فرأى أنهم قد عجبوا من سرعته، قال ذكرت شيئا من تبر وهو الذهب المكسور عندنا فكرهت أن يحبسني، فأمرت بقسمته” رواه البخارى، فلقد خشي النبي صلى الله عليه وسلم أن تحبسه هذه الأمانة يوم القيامة، فبادر إلى توزيعها، والتصدق بها، وهذا أبو الدحداح الأنصاري، لما نزل قول الله تعالى كما جاء فى سورة البقرة ” من ذا الذى يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه له أضعافا كثيرة” فقال لرسول الله صلى الله عليه وسلم وإن الله ليريد منا القرض؟ قال عليه الصلاة والسلام” نعم يا أبا الدحداح” قال أرني يدك يا رسول الله، فناوله النبي صلى الله عليه وسلم يده، فقال أبو الدحداح إني قد أقرضت ربي عز وجل حائطي “أي بستاني، وكان فيه ستمائة نخلة” وأم الدحداح فيه وعيالها، فناداها يا أم الدحداح.

قالت لبيك، قال أخرجي من الحائط، يعني أخرجي من البستان فقد أقرضته ربي عز وجل، وفي رواية أخرى، أن امرأته لما سمعته يناديها عمدت إلى صبيانها تخرج التمر من أفواههم، وتنفض ما في أكمامهم، تريد بفعلها هذا الأجر كاملا غير منقوص من الله تعالى، لذلك كانت النتيجة لهذه المسارعة أن قال النبي صلى الله عليه وسلم “كم من عذق رداح “أى مثمر وممتلئ” في الجنة لأبي الدحداح” رواه احمد، وهذا هو أبو طلحة الأنصارى، فقد جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله، يقول الله تبارك وتعالى في كتابه كما جاء فى سورة آل عمران ” لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون” وإن أحب أموالي إليّ بَيرحاء، وكانت حديقة يدخلها النبي صلى الله عليه وسلم ويستظل بها، ويشرب من مائها، فهي إلى الله عز وجل، وإلى رسوله صلى الله عليه وسلم أرجو برّها وذخرها عند الله، فضعها يا رسول الله حيث أراك الله.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى