ثقافة

الدكروري يكتب عن الإمام الشعراوي ” جزء 3″

جريدة الأضواء

بقلم / محمـــد الدكـــروري

ونكمل الجزء الثالث مع الإمام الشعراوي، ولكنه حكم عليهم بالكذب في قولهم “نشهد” لأن الشهادة يجب أن يواطئ اللسان فيها القلب، فكانت شهادة الله رد على فعل الشهادة من المنافقون، ليثبت خداعهم للرسول صلي الله عليه وسلم وليفرق بين القول وبين مقول القول فالشهادة شئ وقولهم إنك لرسول الله شئ آخر، وكانت هناك آية أخري وهي من سورة الرحمن وهي قوله تعالي ” فيومئذ لا يسأل عن ذنبه إنس ولا جان” وأيضا قوله تعالي من سورة الصافات ” وقفوهم إنهم مسؤلون” وهو أن الآيات بها تضارب حيث تقول الآية الأولى أنه لا يسأل العباد عن أعمالهم بينما تقول الآية الثانية أنهم يسألون، وهنا كان رد فضيلة الشيخ الشعراوي بأن السؤال نوعان، وهما سؤال الاستخبار والاستعلام وهو السؤال المنفي في الآية الأولى لأن الله أعلم بأعمالهم منهم.

وسؤال التوبيخ والإقرار بالعمل كما يسأل الأستاذ التلميذ وهو نوع السؤال في الآية الثانية، وكانت لفضيلة الشيخ الشعراوي موهبته الخاصة، فقد عشق الشيخ الشعراوي اللغة العربية، وعُرف ببلاغة كلماته مع بساطة في الأسلوب، وجمال في التعبير، ولقد كان للشيخ باع طويل مع الشعر، فكان شاعرا يجيد التعبير بالشعر في المواقف المختلفة، وخاصة في التعبير عن آمال الأمة أيام شبابه، عندما كان يشارك في العمل الوطني بالكلمات القوية المعبرة، وكان الشيخ يستخدم الشعر أيضا في تفسير القرآن الكريم، وتوضيح معاني الآيات، وعندما يتذكر الشيخ الشعر كان يقول “عرفوني شاعرا” ويتحدث الشيخ الشعراوي في مذكراته التي نشرتها صحيفة الأهرام عن تسابق أعضاء جمعية الأدباء في تحويل معاني الآيات القرآنية إلى قصائد شعر.

وكان من بينها ما أعجب بها رفقاء الشيخ الشعراوي أشد الإعجاب إلى حد طبعها على نفقتهم وتوزيعها ويقول إمام الدعاة ومن أبيات الشعر التي اعتز بها، ما قلته في تلك الآونة في معنى الرزق ورؤية الناس له، فقد قلت تحرى إلى الرزق أسبابه، فإنك تجهل عنوانه، ورزقك يعرف عنوانك، وعندما سمع الشيخ الذي كان يدرس لنا التفسير هذه الأبيات قال لي يا ولد هذه لها قصة عندنا في الأدب، فسألته ما هي القصة؟ فقال قصة شخص إسمه عروة بن أذينة، وكان شاعرا بالمدينة وضاقت به الحال، فتذكر صداقته مع هشام بن عبد الملك أيام أن كان أمير المدينة قبل أن يصبح الخليفة، فذهب إلى الشام ليعرض تأزم حالته عليه لعله يجد فرجا لكربه، ولما وصل إليه استأذن على هشام ودخل، فسأله هشام كيف حالك يا عروة؟ فرد والله إن الحال قد ضاقت بي.

فقال لي هشام ألست أنت القائل لقد علمت وما الإشراق من خلقي، أن الذي هـو رزقي سوف يأتيني، واستطرد هشام متسائلا؟ فما الذي جعلك تأتي إلى الشام وتطلب مني؟ فأحرج عروة الذي قال لهشام جزاك الله عني خيرا يا أمير المؤمنين لقد ذكرت مني ناسيا، ونبهت مني غافلا ثم خرج، وبعدها غضب هشام من نفسه لأنه رد عروة مكسور الخاطر، وطلب القائم على خزائن بيت المال وأعد لعروة هدية كبيرة وحملوها على الجمال، وقام بها حراس ليلحقوا بعروة في الطريق، وكلما وصلوا إلى مرحلة يقال لهم كان هنا ومضى، وتكرر ذلك مع كل المراحل إلى أن وصل الحراس إلى المدينة، فطرق قائد الركب الباب وفتح له عروة، وقال له أنا رسول أمير المؤمنين هشام، فرد عروة وماذا أفعل لرسول أمير المؤمنين وقد ردني وفعل بي ما قد عرفتم ؟

فقال قائد الحراس تمهل يا أخي، إن أمير المؤمنين أراد أن يتحفك بهدايا ثمينة وخاف أن تخرج وحدك بها، فتطاردك اللصوص، فتركك تعود إلى المدينة وأرسل إليك الهدايا معنا، ورد عروة سوف أقبلها ولكن قل لأمير المؤمنين لقد قلت بيتا ونسيت الآخر، فسأله قائد الحراس ما هو ؟ فقال عروة أسعى له فيعنيني تطلبه، ولو قعدت أتاني لا يعنيني، وهذا يدلك فيما يضيفه إمام الدعاة على حرص أساتذتنا على أن ينمو في كل إنسان موهبته، ويمدوه بوقود التفوق، وكان لفضيلة الشيخ الشعراوي المواقف الهامة في حياته فيروي فضيلة الشيخ الشعراوي في مذكراته أن وقائع متفرقة الرابط بينها أبيات من الشعر طلبت منه وقالها في مناسبات متنوعة، وخرج من كل مناسبة كما هي عادته بدرس مستفاد ومنها مواقف وطنية، فيقول الشيخ الشعراوي وأتذكر حكاية كوبري عباس.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى