مقال

الدكروري يكتب عن شهر الجهاد والصبر ” جزء 16″

جريدة الأضواء

الدكروري يكتب عن شهر الجهاد والصبر ” جزء 16″

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

ونكمل الجزء السادس عشر مع شهر الجهاد والصبر، فالصيام ينمى روح الإيجابية والفعالية والشعور بالمسؤولية، فيتعلم فيه الفرد فن الانتصار على السلبية واللا مبالاة وتبلد الشعور بالتبعة والتفريط في القيام بالواجب، ويحدث ببركات الصيام وفضله وأجوائه، نقلات نوعية فى الانتقال بنفسه إلى مراتب العاملين العابدين المتحركين النشطين، فيستشعر طعم الإيجابية ويتعود ويتدرب عليها، فيصاحبه ذلك حتى بعد رمضان، أكثر من الاستعادة من العجز والكسل، فعن أنس بن مالك رضي الله عنه، قال كنت أخدم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكنت أسمعه كثيرا يقول “اللهم إنى أعوذ بك من الهم والحزن، والعجز والكسل” وكان النبى صلى الله عليه وسلم يدعو بدعاء مرة في الصباح ومرة في المساء، وهذا الدعاء من أذكار الصباح والمساء، ومشروع لنا جميعا.

 

أن نقوله في اليوم والليلة مرتين، وهذا الدعاء هو الاستعاذة بالله عز وجل من العجز والكسل، وهو داخل في الحديث الذى ورد عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه إذا أصبح وإذا أمسى قال “أصبحنا وأصبح الملك لله” إلى آخره، وفي المساء يقول “أمسينا وأمسى الملك لله والحمد لله ولا إله إلا الله” إلى آخر الحديث، وفيه “اللهم إني أعوذ بك من العجز والكسل” وإن العجز والكسل، هذان المرضان إذا أصيب بهما الشباب خاصة كبِّر عليهم أربعا لوفاتهم، الشاب إذا أصيب بمثل هذه الأمراض فإنه ينتهي، الحياة لا تقوم إلا بنشاط، لا تقوم إلا بجد، لا تقوم إلا بعزيمة، إذا أصيب الإنسان بهذه الأمراض من العجز والكسل، فإن الكسل مرض، واستعاذ منه النبي صلى الله عليه وسلم وضده النشاط، والعجز يحتاج إلى مقاومة بالعزيمة والإرادة والاستعانة قبل وبعد بالله تبارك وتعالى.

 

وإن الكسل له علامات، وأعظم مصيبة أن يصاب الإنسان بهذا المرض وهو لا يدرى، كثير من الناس مصابون بهذا المرض وهم لا يعلمون، فالكسل أخطر أنواعه هو الكسل الروحى، وهذا يصيب طائفة كبيرة جدا من المسلمين شبابا ورجالا وشيبا وأطفالا، وأيضا التكاسل عن الأمور الشرعية، فالتكاسل عن العبادات خصوصا العبادة اليومية مثل الصلاة، فالصلاة لها خصوصيات، فالحج في السنة مرة، والصوم الواجب هو صوم رمضان، والزكاة إذا حال الحول وبلغت الأموال النصاب، أما الصلاة فكل يوم خمسين مرة خففها الله عز وجل إلى خمس، فلا مجال لمقارنة الصلاة بغيرها، فإذا أردت أن تقيِّم أحدا فابدأ بالصلاة، فإذا تقدم إنسان ليتزوج، أول ما تسأل عنه هل يصلي أم لا يصلي؟ وإذا كان يصلى فهل يصلي في المسجد أم لا؟ سؤال كل الناس يسألونه.

 

حتى إن بعض الآباء لا يصلون في المسجد، لكن إذا تقدم لابنته رجل يصلي في المسجد اطمأن قلبه أكثر، وهو بنفسه لا يصلي في المسجد لأنه يعلم في قرارة نفسه أن الاتصال بالله عز وجل ضمانة، إذن من أخطر الأنواع أن تتكاسل هذه الروح ويتبعها الجسد عن القيام بالعبادات الشرعية، ومن الناس من إذا قام إلى الصلاة يقوم بتكاسل، بعض الشباب يقوم مجاملة لوالديه، وبعض الناس مجاملة لزملائه في العمل، وبعض الناس يكون معه أحد فقوم ليصلى، وهذا التثاقل وهذا التأخر فى الأداء دليل على وجود هذا المرض الخطير، فبادر بعلاج هذا المرض، والله إن لقيت الله به ربما لا تنجو، ولكنك إذا كنت حريصا على العلاج فإن الله عز وجل سيعينك، فإن بعض الناس الآن يقتصر فى الصلاة مثلا على ما يدفع به عن نفسه المؤاخذة والعقاب، فيفرط في أداء السنن والنوافل.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى