ثقافة

الدكروري يكتب عن الإمام إبن القيم الجوزية ” جزء 1″

جريدة الأضواء

 

الدكروري يكتب عن الإمام إبن القيم الجوزية ” جزء 1″

بقلم / محمـــد الدكـــروري

الإمام إبن القيم الجوزية هو أبو عبد الله شمس الدين محمد بن أبي بكر بن أيوب بن سعد بن حريز الزرعي الدمشقي الحنبلي، هو فقيه ومحدث ومفسر وعالم مسلم مجتهد وواحد من أبرز أئمة المذهب الحنبلي في النصف الأول من القرن الثامن الهجري، والزرعي هي نسبة إلى مدينة زرع وهي تسمى اليوم إزرع ثم الدمشقي الحنبلي، وقد جاء في كتاب التاج المكلل، لصديق خان القنوجي نسبته الدرعي، ويذكر بكر بن عبد الله أبو زيد أن هذا خطأ ولعله تطبيع، وجاء في كتاب البداية والنهاية لابن كثير الدمشقي نسبة والده الذرعي، ويذكر أبو زيد أيضا أن هذا خطأ ولعله تطبيع، واشتهر شمس الدين محمد بلقب ابن قيم الجوزية ويختصر فيقال ابن القيم، وتتفق كتب التراجم أن سبب شهرته بهذا الاسم هو أن والده أبا بكر بن أيوب الزرعي كان قيما على المدرسة الجوزية، الواقعة بمدينة دمشق مدة من الزمن.

فاشتهر بعد ذلك بلقب قيم الجوزية واشتهرت من بعده ذريته بهذا الاسم، وقد درج المترجمون له وفيهم تلامذته على هذا الاسم ابن قيم الجوزية، ومنهم ابن رجب الحنبلي والصفدي وابن كثير والذهبي، واختصار اسمه بقول ابن القيم فهو شائع والأكثر اشتهارا اليوم، وقد كان مشهورا عند بعض العلماء المتأخرين كابن حجر العسقلاني وجلال الدين السيوطي، وقد نشأ ابن القيم حنبلي المذهب فقد كان والده أبو بكر بن أيوب الزرعي قيّما على المدرسة الجوزية الحنبلية، وعندما شب واتصل بشيخه ابن تيمية حصل تحول بحياته العلمية، فأصبح لا يلتزم في آرائه وفتاويه بما جاء في المذهب الحنبلي إلا عن اقتناع وموافقة الدليل من الكتاب والسنة ثم على آراء الصحابة وآثار السلف، ولهذا يعتبره العلماء أحد المجتهدين، وولد الإمام إبن القيم الجوزية في اليوم السابع من شهر صفر سنة ستمائة وواحد وتسعين من الهجرة.

الموافق الموافق ليوم الثامن والعشرين من شهر يناير لعام ألف ومائتان واثنين وتسعين ميلادي، في دمشق بسوريا، فنشأ في مدينة دمشق، واتجه لطلب العلم في سن مبكرة، فأخذ عن عدد كبير من الشيوخ في مختلف العلوم منها التفسير والحديث والفقه والعربية، وقد كان ابن تيمية أحد أبرز شيوخه، حيث التقى به في سنة سبعمائة واثني عشر من الهجرة، فلازمه حتى وفاته في سنة سبعمائة وثماني وعشرين من الهجرة، فأخذ عنه علما جمّا واتسع مذهبه ونصره وهذب كتبه، وقد كانت مدة ملازمته له سبعة عشر عاما تقريبا، وقد تولى ابن قيم الجوزية الإمامة في المدرسة الجوزية، والتدريس في المدرسة الصدرية في سنة سبعمائة وثلاث وأربعين من الهجرة، وكانت عائلة آل القيم عائلة علمية، فوالده هو أبو بكر بن أيوب بن سعد الزرعي الذي كان قيّما على المدرسة الجوزية بدمشق.

وقد كان هو نفسه أحد معلمي ابنه وشيوخه، فقد أخذ منه ابنه ابن القيم علم الفرائض، وأخوه هو أبو الفرج زين الدين عبد الرحمن بن أبي بكر بن أيوب الزرعي ولد سنة ستمائة وثلاث وتسعين من الهجرة، أي أنه أصغر من ابن القيم بنحو سنتين، وقد كان هو الآخر عالما، وقد كان ابن رجب أحد تلامذته، وقد تفرد بالرواية عن شيخه الشهاب العابر، ومن عائلته أيضا ابن أخيه هو عماد الدين أبو الفداء إسماعيل بن زين الدين عبد الرحمن، الذي اقتنى أكثر مكتبة عمه ابن القيم، وتوفي سنة سبعمائة وتسع وتسعين من الهجرة، ومن أبنائه الذين ترجم لهم، ابنه شرف الدين، وجمال الدين عبد الله وقد كان عالما وخطيبا، وقد قام بالتدريس في المدرسة الصدرية عقب وفاة والده، وتوفي شابا في سنة سبعمائة وست وخمسين من الهجرة، وعمره ثلاث وثلاثون سنة، وابنه هو برهان الدين إبراهيم.

وقد أفتى وقام بالتدريس بالمدرسة الصدرية، وقد كان عارفا بالنحو وله شرح لألفية ابن مالك سماه إرشاد السالك إلى حل ألفيّة ابن مالك، وكانت وفاته سنة سبعمائة وسبع وستين من الهجرة، وسار ابن القيم على نهج شيخه ابن تيمية في العقيدة، كما كان له آراء خاصة في الفقه وأصوله ومصطلح الحديث وغير ذلك من المسائل، واشتهر بمؤلفاته في العقيدة والفقه والتفسير والتزكية والنحو بالإضافة إلى القصائد الشعرية، وكان لابن قيم الجوزية تأثير كبير في عصره، فيشير المؤرخون إلى أخذ الكثيرين العلم على يديه، وكذلك برز أثره إلى جانب شيخه ابن تيمية في أماكن متفرقة من العالم الإسلامي في وقت لاحق، فكانت حركة محمد بن عبد الوهاب التي ظهرت في القرن الثاني عشر الهجري امتدادا لدعوة ابن تيمية، وكان محمد بن عبد الوهاب يعتني اعتناء كاملا بكتبه وكتب ابن القيم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى