مقال

الدكروري يكتب عن صور ومخاطر الفساد “جزء 10”

جريدة الأضواء

الدكروري يكتب عن صور ومخاطر الفساد “جزء 10”

بقلم/ محمـــد الدكـــروري

 

وأما الآثار النفسية والصحية، فالمفسد فاقد للأمن النفسي والاستقرار العقلي، حيث يسيطر القلق والاضطراب عليه، وأما آثاره الاقتصادية، فتترتب عليه مضار كثيرة ويؤدي إلى إهدار المال العام، ويعود على الدولة بالخسارة المالية، ويقف دون التقدم الاقتصادي والرقي الحضاري للمجتمع، وأما آثاره السياسية، فيعد الفساد عدو التنمية، فهو من أسباب فشل خطة التنمية في الدول النامية، وهو مشجّع على كل مظاهر الفوضى والخروج على النظام العام، وإن الدين الإسلامي الحنيف حارب الفساد منذ اليوم الأول لبعثة النبي صلى الله عليه وسلم ، بدءا من فساد العقيدة فقد جاء ليحرر الناس من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد, وجاء ليقضى على الأخلاق الذميمة والعصبيات الجاهلية, وينشر بدلا منها, الأخلاق القويمة الحميدة.

 

وتكون العصبية للدين وحده, جاء ليقضى على كل مظاهر الفساد الاقتصادية والاجتماعية، ويؤصل بدلا منها كل ما هو حسن وكل ما من شأنه أن ينهض بالأمة ويجعلها رائدة العالم كله، وقد انتهج الإسلام في محاربة الفساد نهجا قويما, فالإسلام قد نظر إلى هذا الفساد بكل أنواعه, وأدرك أسبابه الخفية والظاهرة وعمل على علاجها علاجا جذريا حقيقيا وليس علاجا صوريا كما هي المناهج العصرية التي ينتهجها الناس اليوم, ثم عالج الفساد بعد حدوثه، وحاربه بسبل وطرائق لا يستهان بها، بل لقد أثبت التاريخ أن النهج الإسلامي هو أنجح السبل في محاربة الفساد, وهذا ليس بالشيء الغريب، فالإسلام منهج حياة كامل متكامل صالح لكل زمان ومكان، ويصلح كل ما أفسده الناس في كل زمان ومكان.

 

ولكن ننبه إلى أن حد الحرابة لا يطبقه إلا السلطان أو نائبه، كما قال الإمام النووي رحمه الله في المجموع، أما الأحكام فإنه متى وجب حد الزنا، أو السرقة، أو الشرب، لم يجز استيفاؤه إلا بأمر الإمام، أو بأمر من فوض إليه الإمام النظر في الأمر بإقامة الحد، لأن الحدود في زمن النبي صلى الله عليه وسلم وفي زمن الخلفاء الراشدين رضي الله عنهم، لم تستوف إلا بإذنهم، ولأن استيفاءها للإمام، وأما أهل المفسد وذويه ممن ليسوا معه في الإفساد، فلا يؤاخذون بجريرته، ويحرم الاعتداء عليهم، أو أذيتهم بذنبه، فلو كان يظن مثل هؤلاء أنهم أحرار في أن يكونوا فاسدين، فهم ليسوا أحرارا بنشر فسادهم، وسنقوم وسيقوم أهل السداد والخير بالتصدي لهم، حتى يتبين فسادهم ويفضحهم الله على رءوس العالمين.

 

ويجب على أهل الخير أن يتكاتفوا في التصدي لمثل هذا الفساد فهو لا يقل عن الفساد الملموس بل هو أدهى وأمر فهو يدمر الدين والقيم، وإن الصراع الواقع على ظهر الأرض منذ بدأت عليها الحياة البشرية، إنما هو صراع بين المصلحين والمفسدين والعاقبة فيه لأهل الصلاح في الدنيا والآخرة، فقال الله تعالى فى سورة القصص ” تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا، والعاقبة للمتقين” وإن للمصلحين طرق ومناهج للإصلاح، كما أن للمفسدين سبل وطرائق للإفساد وعلى الناس أن يتبعوا سبيل المصلحين ويجتنبوا سبل المفسدين، فقال الله تعالى فى سورة الشعراء ” ولا تطيعوا أمر المسرفين الذين يفسدون في الأرض ولا يصلحون” وقد أوصى نبى الله موسى عليه السلام، أخاه هارون.

 

حين استخلفه بألا يتبع سبل المفسدين كما جاء فى سورة الأعراف ” وقال موسى لأخيه هارون اخلفني في قومي وأصلح ولا تتبع سبيل المفسدين” فهما صنفان من الناس مصلح أو مفسد ولا يستويان، فقال الله تعالى فى سورة البقرة ” ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا ويشهد الله على مافي قلبه وهو ألد الخصام، وإذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل، والله لايحب الفساد” ولا يمكن أن يستوي أهل الإصلاح وأهل الإفساد في الدنيا ولا في الآخرة، فقال الله تعالى فى سورة ص ” أم نجعل الذين آمنوا وعملوا الصالحات كالمفسدين في الأرض، أم نجعل المتقين كالفجار” أبدا لا يستون فقال تعالى فى سورة الرعد ” والذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل ويفسدون في الأرض أولئك لهم اللعنة ولهم سوء الدار” وفي تلك الدار، دار البوار.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى