مقال

الدكروري يكتب عن إنتبهوا أيها الرويبضة ” جزء 4″

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن إنتبهوا أيها الرويبضة ” جزء 4″

بقلم / محمــــد الدكـــروري

 

فإن التشديد سهل وكلمة حرام ما أسهلها، لكن في فتاوى اجتهادية، ووقائع أعيان وأمور جدت، فإن الشافعي في مصر، غير شافعي العراق، غير شافعي كندا، الأحوال تتغير، والفتوى تتغير بتغير الزمان والمكان، وهذا التغيير ليس تمييع للدين، كما يظن البعض إنما هو فقه للدليل وفقه للواقع الذي تسقط عليه الدليل، وأما عن فقه الدليل وفقه الواقع، فهو في مسائل إذا سألت عليها عالم في بلد عن مسائل في بلد آخر إذا أفتى سيفتى بها على وجه غير صحيح لأنه فقه الدليل لكنه لم يفقه الواقع، وهذه مسألة مهمة جدا إسقاط الدليل على الواقع شيء هام ، إنما فصل الدليل عن الواقع، والفتوى العامة لكل الناس، هذه مسألة تحتاج لمراجعة، ولاحظوا أن الأحكام القطعية لا مجال للاجتهاد فيها إنما الاجتهاد في فهمها، وإن المسائل التي جدت تحتاج الى ربط بالشرع من خلال فهمٍ للدليل وفهم للواقع، وهذا كلام ابن القيم ذكره قديما.

 

في كتابه إعلام الموقعين عن رب العالمين، فإن هذا العلم دين والإمام مالك رحمة الله عليه كان يقول” إن هذا العلم دين فانظرواعمن تأخذوا دينكم” وهذا يتبين عندما يذهب شخص لطبيب فإنه يحتاط أن يكون طبيبا ذا خبرة متمكنا في عمله، لأنها سلامة لبدنه فما بالنا لا نطلب السلامة لديننا، فقضية التشديد ليست هي منهج السلف، وليس كل من تشدد فهو سلفي ومن تساهل فهو تلفي، لا فإن التشديد ليس سمة من سمات الشرع، الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم قال ” إن الدين يسر ولن يشاد الدين أحدا إلا غلبه” وأيضا التمييع ليس منهج في الشريعة، تمييع الأمور، المنطقة الرمادية، أن تجعل القطعيات واليقينيات في مرتبة الظنيات أو مرتبة الاجتهاد مثل قضية ميراث المرأة وهذه لا تحتاج إلى تمييع هذا نص قطعي الثبوت في كتاب الله قطعي الدلالة، فهنا نقول بأن الفتوى لكتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأقوال العلماء.

 

أما الأقوال المرسلة والأقوال من أجل الجدال أو للتشدد أوللتمييع فكل هذه ينبغي أن نضعها في مكانها الصحيح، وإن من أعظم أسباب الشقاء والدمار، ومن أخطر ما يوصل الإنسان إلى النار ومما يجلب للعبد سخط الجبار أكل المال الحرام، فيقول الله تعالى ” إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما إنما يأكلون فى بطونهم نارا وسيصلون سعيرا” ويقول النبي صلى الله عليه وسلم ” من اقتطع حق امرئ مسلم بيمينه فقد أوجب الله له النار وحرّم عليه الجنة” فقال له رجل وإن كان شيئا يسيرا يا رسول الله؟ قال صلى الله عليه وسلم “وإن كان قضيبًا من أراك” رواه مسلم، فإن صعوبة الأوضاع وتعقد الحياة وغلاء الأسعار وظنك المعيشة ليس عذرا لبعض الناس في اللف والدوران وأخذ الرشوة وأكل الحرام فإن الله تعالى يقول” ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب ومن يتوكل على الله فهو حسبه إن الله بالغ أمره قد جعل الله لكل شئ قدرا”

 

ولا يفعل ذلك إلا من قسى قلبه واستولت الغفلة على نفسه وضعف إيمانه وقل يقينه وعميت بصيرته، وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال، أنه دخل النبي صلى الله عليه وسلم المسجد فوجد رجلا من أصحابه عليه علامات الهم والغم فقال له صلى الله عليه وسلم “يا أبا أمامة ما الذي أجلسك في المسجد في هذه الساعة؟” قال يا رسول الله، هموم أصابتني وديون غلبتنى فقال له النبي صلى الله عليه وسلم ” ألا أعلمك كلمات إذا قلتهن أذهب الله همك وقضى دينك قال قلت بلى يا رسول الله، قال ” قل إذا أصبحت وإذا أمسيت اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن، وأعوذ بك من العجز والكسل، وأعوذ بك من الجبن والبخل، وأعوذ بك من غلبة الدين وقهر الرجال” قال فقلتهن فأذهب الله همي وقضى ديني” رواه أبو داود، فإن الغنى ليس بكثرة الرزق وإنما الغنى ببركة الرزق والبركة ليست في الكثرة وإنما البركة في الطاعة والقناعة.

 

وأن ترضى بما قسم الله لك وأن تقنع بما آتاك الله، ولعلم كل من تسول له نفسه في أكل الحرام أنه سيجد عاقبة الحرام في الدنيا قبل الآخرة وسيعذب به في الحياة قبل الموت فيقول الله تعالى ” فلا تعجبك أموالهم ولا أولادهم إنما يريد الله ليعذبهم بها فى الحياة الدنيا” وقيل أنه اشتكت إمرأة إلى مروان بن الحكم الصحابى الجليل سعيد بن زيد رضي الله عنه وأرضاه مدعية عليه كذبا وزورا، أن سعيدا أخذ شيئا من مالها فقال سعيد اللهم إن كانت كاذبة فأعم بصرها واجعل قبرها في دارها، قال راوى الحديث عروة بن الزبير، فوالله، لقد عمي بصرها حتى رأيتها امرأة مسنة تلتمس الجدران بيديها، وكانت في هذه الأرض بئر فسقطت في البئر، فكان ذلك البئر قبرها” ويقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم ” إنما أنا بشر وإنما يأتينى الخصم فلعل بعضكم أن يكون أبلغ من بعض فأحسب أنه صادق فأقضى له فمن قضيت له بحق مسلم فإنما هى قطعه من النار فليحملها أو يذرها” رواه البخارى ومسلم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى