مقال

الدكروري يكتب عن الإمام محمد بن المنكدر ” جزء 2″

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن الإمام محمد بن المنكدر ” جزء 2″

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

وكانت أمه تقول له لا تمازح الصبيان فتهون عليهم وقال محمد بن المنكدر لأبى حازم يا أبا حازم، ما أكثر من يلقاني فيدعو لي بالخير، ما أعرفهم وما صنعت إليهم خيرا قط، فقال أبو حازم لا تظن أن ذلك من قبلك، ولكن انظر إلى الذي ذلك من قبله فاشكره، وكان ابن المنكدر من المجتهدين في العبادة فيقول كابدت نفسي أربعين سنة حتى استقامت، وبينا هو ذات ليلة قائم يصلي إذ استبكى فكثر بكاؤه، حتى فزع له أهله وسألوه فاستعجم عليهم وتمادى في البكاء، فأرسلوا إلى أبي حازم فجاء إليه فقال ما الذي أبكاك قال مرت بي آية قال وما هي قال “وبدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون” فبكى أبو حازم معه فاشتد بكاؤهما، وعن سعيد بن عامر قال، قال ابن المنكدر إني لأدخل في الليل فيهولني فأصبح حين أصبح وما قضيت منه أربي، وعن عمر بن محمد المنكدر قال كنت أمسك على أبي المصحف.

 

فمرت مولاة له فكلمها فضحك إليها ثم أقبل يقول إنا لله إنا لله حتى ظننت أنه قد حدث شيء فقلت مالك فقال أما كان لي في القرآن شغل حتى مرت هذه فكلمتها وعن سفيان قال كان محمد بن المنكدر ربما قام من الليل يصلي ويقول كم من عين الآن ساهرة في رزقي، وكان محمد بن المنكدر بارا بأمه، فكان يضع خده بالأرض ثم يقول لأمه قومي ضعي قدمك على خدي، وقال بات عمر يعني أخاه يصلي وبت أغمز رجل أمي وما أحب أن ليلتي بليلته، وكان لمحمد بن المنكدر أثرا بينا في تربية الآخرين فعن ابن الماجشون قال إن رؤية محمد بن المنكدر لتنفعني في ديني، وقال مالك كنت إذا وجدت من قلبي قسوة آتى ابن المنكدر فأنظر إليه نظرة فأبغض نفسي أياما، وقيل رأى محمد بن المنكدر رجلا واقفا مع امرأة يكلمها فقال إن الله يراكما سترنا الله وإياكما، وقال محمد بن المنكدر أرأيت لو أن رجلا صام الدهر لا يفطر.

 

وقام الليل لا ينام وتصدق بماله وجاهد في سبيل الله واجتنب محارم الله، غير أنه يؤتى به يوم القيامة فيقال إن هذا عظم في عينه ما صغره الله، وصغر في عينه ما عظمه الله، كيف ترى يكون حاله؟ فمن منا ليس هكذا؟ الدنيا عظيمة عنده مع ما اقترفنا من الذنوب والخطايا، وقيل لمحمد بن المنكدر أي العمل أحب إليك؟ قال إدخال السرور على المؤمن، قيل فما بقي مما يستلذ؟ قال الإفضال على الإخوان، وقال ابن وهب حدثني ابن زيد قال خرج ناس غزاة في الصائفة فيهم محمد بن المنكدر، فبينما هم يسيرون في الساقة إذ قال رجل منهم اشتهي جبنا رطبا فقال محمد فاستطعم الله فإنه قادر فدعا القوم فلم يسيروا إلا شيءا حتى وجدوا مكتلا مخيطا، فإذا هو جبن طري رطب، فقال بعضهم لو كان هذا عسلا، قال الذي أطعمكموه قادر، فدعوا الله فساروا قليلا فوجدوا فرق عسل على الطريق، فنزلوا وأكلوا الجبن والعسل.

 

وقال ابن عيينة كان ابن المنكدر من معادن الصدق يجتمع إليه الصالحون، وعن مالك قال كان محمد سيد القراء لا يكاد أحد يسأله عن حديث إلا كاد أن يبكي، وعن عثمان بن واقد قال قيل لابن المنكدر أي الدنيا أحب إليك ؟ قال الإفضال على الإخوان، وقال أبو معشر كان سيدا يطعم الطعام ويجتمع عنده القراء، وقال أبو مودود عن محمد بن المنكدر قال جئت إلى المسجد، فإذا شيخ يدعو عند المنبر بالمطر، فجاء المطر وجاء بصوت، فقال يا رب ليس هكذا أريد فتبعته حتى دخل دار آل حرام، أو دار آل عثمان فعرضت عليه شيئا فأبى ، فقلت أتحج معي ؟ فقال هذا شيء لك فيه أجر فأكره أن أنفس عليك وأما شيء آخذه ، فلا، وقال يعقوب الفسوي عن ابن المنكدر هو غاية في الإتقان والحفظ والزهد، حجة، وعن سفيان قال كان ابن المنكدر يقول كم من عين ساهرة في رزقي في ظلمات البر والبحر وكان إذا بكى مسح وجهه ولحيته من دموعه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى