مقال

الدكروري يكتب عن دور العلم والجهل في بناء وهدم الشعوب “جزء 1”

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن دور العلم والجهل في بناء وهدم الشعوب “جزء 1”

بقلم / محمــــد الدكــــرورى

 

عندما ننظر في واقعنا المعاصر نجد العلم وتفوقه لبعض الشعوب المتطورة التي اتخذت العلم سلاح لها للتقدم والتطور فابتعدت عن كل طرق تؤدي إلي الإنهيار والرجوع إلي سالف عصورها البدائية، وكما نجد من الشعوب والدول من اتخذ الجهل له طريق فأصبحت شعوب متخلفة تسير خلف الدول المتقدمة حتي تلحق بركبها ولن تستطيع لأنه شتان بين طريق العلم المضيئ وطريق الجهل المظلم، فإن العلم هو أساس نهضة الأمة وقيام الحضارات فبالعلم تبنى الأمجاد، وتسُود الشعوب، وتبنى الممالك، وما فشا الجهل في أمة من الأمم إلا قوض أركانها، وصدّع بنيانها، وأوقعها في الرذائل والمتاهات المهلكة، وكم هو شديد الوقع على النفوس أن يرى في الناس من شاب رأسه، ورق عظمه، وهو يتعبد الله على غير بصيرة وقد يصلى بعض الناس أربعين سنة، أو عشرين سنة، أو أقل أو أكثر وهو لم يصل في الحقيقة لأن صلاته ناقصة الأركان.

 

أو مختلة الشروط والواجبات ومع ذلك لا يحاول تعلم أحكامها، بينما يُرى حريصا على دنياه ويكفي هذا دليلا على أن الله سبحانه وتعالى لم يرد به خيرا، ولو تعلم العلوم الدنيوية، وتبحر فيها، ويقول الإمام ابن كثير رحمه الله، فهؤلاء ليس لهم علم إلا بالدنيا وأكسابها وشؤونها وما فيها، فهم حذاق أذكياء في تحصيلها، ووجوه مكاسبها، وهم غافلون عن أمور الدين، وما ينفعهم في الدار الآخرة، كأن أحدهم مغفل لا ذهن له، ولا فكرة، ويقول الحسن البصرى رحمه الله والله ليبلغن أحدهم بدنياه أنه يقلب الدرهم على ظفره، فيخبرك بوزنه، وما يحسن أن يصلى، فكيف تنهض الأمة في جميع مجالاتها بأمثال هؤلاء ؟ وإن من أهم عومل النهوض بالأمة في المجال العلمي أن نهتم بالمعلم والمربي وأن نشكر جهوده، ونؤدي إليه بعضا من حقه، وأن نعرف له قدره واحترامه وفضله، وإن نهضة الأمة منوط بتربية أجيال على علم وتحمل المسئولية.

 

وما اختلت موازين الأمة، وفسد أبناؤها إلا حينما ضاع الأبناء، بين أب مفرط لا يعلم عن حال أبنائه، ولا في أي مرحلة يدرسون، ولا مع من يذهبون ويجالسون، ولا عن مستواهم التحصيلي في الدراسة وبين مدرس خان الأمانة، وتهاون في واجبه، ولم يدرك مسؤوليته، فدور الأسرة عظيم في غرس هذه القيم في نفوس أبنائها فهم مسئولون عنهم يوم القيامة، ولقد اهتم الإسلام بقيمة العلم أيما اهتمام، ولقد بلغت عناية الله عز وجل بنا لرفع الجهل عنا أن كان أول ما نزل من الوحي على نبينا أعظم كلمة هبط بها جبريل هي قوله تعالى” اقرأ باسم ربك الذى خلق” وأمر الله عز وجل بالقراءة والعلم في أول آية نزلت من القرآن الكريم دليل واضح على أهمية العلم في تكوين عقل الإنسان وفي رفعه إلى المكانة السامية، فلا يستوي عند الله الذي يعلم والذي لا يعلم، فقال تعالى فى سورة الزمر “هل يستوى الذين يعلمون والذين لا يعلمون إنما يتذكر أولو الألباب”

 

ويرفع الله الذي يطلب العلم والذي يعمل به على غيره درجات، فقال تعالى فى سورة المجادلة ” يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات” أى يرفع الذين أوتوا العلم من المؤمنين بفضل علمهم وسابقتهم درجات أي على من سواهم في الجنة، ويقول الإمام القرطبي رحمه الله تعالى أي في الثواب في الآخرة وفي الكرامة في الدنيا، فيرفع المؤمن على من ليس بمؤمن والعالم على من ليس بعالم، وقال ابن مسعود رضى الله عنه مدح الله العلماء في هذه الآية، والمعنى أنه يرفع الله الذين أوتوا العلم على الذين آمنوا ولم يؤتوا العلم درجات، أي درجات في دينهم إذا فعلوا ما أمروا به، ولشرف العلم أباح الله تعالى لنا أكل الصيد الذي صاده الكلب المعلم، وإذا صاده كلب غير معلم لا يؤكل، وهكذا فقد رفعه الله درجة عن أقرانه بالعلم فما بالك بمن تعلم الكتاب والسنة؟ لذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم.

 

“إن الله يرفع بهذا الكتاب أقوما ويضع به آخرين” رواه أحمد والبيهقي وابن ماجة، وقد لعن الرسول صلى الله عليه وسلم الدنيا بمن فيها إلا من انتسب لشرف العلم فقال ” الدنيا ملعونه، ملعون ما فيها، إلا ذكر الله، وما ولاه أو عالما أو متعلما” رواه الطبراني وابن ماجة والترمذى، وكما قيل كن عالما أو متعلما ولا تكن الثالث فتهلك، فهنيئا لك أيها العالم والمتعلم فما هو أفضل من أن يستغفر لك الحوت في البحر والدواب وحتى النمل تستغفر لطالب العلم؟ ومع أن الإسلام حرم الحسد إلا أن الشارع أباحه في مجال العلم، فعن ابن مسعود رضى الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” لا حسد إلا فى اثنتين رجل آتاه الله مالا فسلطه على هلكته فى الحق ورجل آتاه الله الحكمه فهو يقضى بها ويعلمها” متفق عليه، وإن الله لم يقصر الأجر على العلماء في حياتهم بل امتد الأجر بعد موتهم وإلى قيام الساعة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى