مقال

الدكروري يكتب عن المقصد الشرعي من شعيرة الحج ” جزء 2″

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن المقصد الشرعي من شعيرة الحج ” جزء 2″

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

وعن الحسن رضي الله عنه قال، قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه “لقد هممت أن أبعث رجالا إلى هذه الأمصار فينظروا كل من كان له جدة ولم يحج فيضربوا عليهم الجزية، ما هم بمسلمين، ما هم بمسلمين” وعن سعيد بن جبير “ولو علمت رجلا غنيا وجب عليه الحج، ثم مات قبل أن يحج ما صليت عليه، وكان بعضهم له جار موسر فمات ولم يحج فلم يصل عليه” فإن رحلة الحج تذكر من تيسرت له سيره إلى الله سبحانه وتعالى وإن مشهد الحجيج وهم محرمون بالنسك وينتقلون في مناسكهم من مشعر إلى آخر إلى انتهائهم من مناسكهم، ليذكر من يراهم بسير الليالي والأيام بالناس إلى قبورهم، وإن للدنيا بداية ولها نهاية، وبدايتها منذ ولادة الإنسان، وتنتهي بموته لينتقل إلى دار أخرى، والحاج حين ينتقل من بلده إلى الحج، فهو يخلع ملابسه ليعيش حياة جديدة بالنسك، لها خصائصها ولباسها وأعمالها، والإنسان في الدنيا عبد لله تعالى، شاء أم أبى.

 

والمؤمن قد رضي بعبوديته لله تعالى ومقتضى قَبوله بها يلزمه بواجبات يفعلها، ومنهيّات يجتنبها، وحدود يقف عندها، والحاج حين يتلبس بإحرامه، فقد ألزم نفسه بمناسكه، وأعلن التزامه بها حين قال لبّيك اللهم لبيك أي اتجبت لك يا رب، وعليه أركان وواجبات لا بد من أدائها، ومحظورات لا بد من اجتنابها ما دام متلبسا بالإحرام، فهذا الالتزام بفعل أركان الحج وواجباته، واجتناب محظوراته، هو تربية للمؤمن على الالتزام الدائم بفعل الطاعات ومجانبة المحرمات فإن من قدر على أداء مناسك الحج وتعظيم شعائره، فهو قادر على الالتزام بتعظيم حرمات الله تعالى في كل زمان ومكان، والمحافظة على أوامره، ومن منع نفسه أثناء إحرامه مما هو مباح له قبل الإحرام، فهو قادر على منع نفسه من المحرّمات طيلة عمره، وانتقال الحاج من نسك إلى نسك يذكره بانتقاله في حياته الدنيا من طاعة إلى طاعة، فالحاج تثقل عليه المناسك.

 

فإذا أخذ نفسه بالعزم وعوّدها على الحزم، أتى بالمناسك على خير وجه، وتحمل فيها المشاق والمكاره، حتى يتم نسكه على أفضل وجه، ومن تقاعس وتثاقل، اجتمعت عليه المناسك، ولربما أخلّ بشيء منها أو ترك ما ينقص نسكه أو يبطله، وهكذا المؤمن إذا أخذ نفسه بالحزم في الطاعات واجتناب المحرمات، هانت عليه واعتادها، ووجد لذتها كما يجد الحاج لذة إتمام النسك، وإذا تثاقل عن بعضها، ثقلت عليه حتى يفرّط في الواجبات، ويقع في المحرمات، فإن الحج ميدان لأن نربي فيه ألسنتنا وأعمالنا على أن لا نقول، ولا نتصرف إلا على وفق الشرع، هناك أهواء متعددة وهناك آراء مختلفة ولكن لا يجوز أن جعل هذه الأهواء مسيطرة علينا وحكم على الشرع، الله جل جلاله قال ” لا خير فى كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس” فقط هذا هو الذي فيه الخير، صدقة أو معروف وهو ما عرف حسنه في الشرع أو إصلاح بين الناس.

 

وأما ما عدا ذلك فهو عليه وقد تدخل في أن تكون من أهل الفسوق لأن الفاسق اسم فاعل الفسق وهو ضد الصلاح، والصالح من عباد الله هو القائم بحقوقه وحقوق عباده، فالذي يفرط في حقوق العباد يفرط في أعراضهم يفرط في أموالهم إلى آخره، فليس من أهل الصلاح، وبالتالي كان من أهل الفسق، فيرجع من حجه وليس من أهل تلك الفضيلة العظيمة، والصالح من عباد الله هو القائم بحقوقه وحقوق عباده، فالذي يفرط في حقوق العباد يفرط في أعراضهم يفرط في أموالهم إلى آخره، فليس من أهل الصلاح، وبالتالي كان من أهل الفسق، فيرجع من حجه وليس من أهل تلك الفضيلة العظيمة، ولهذا لابد من ضبط اللسان في أن لا تتكلم في أحد إلا بما أذن به في الشرع، تتكلم في مدح في الثناء عليه حتى ترغب الناس على الخير هذا طيب، أما الغيبة أما البهت أما القيل والقال، حتى ولو جعل ذلك في لباس الديانة، فإن هذا ينبغي التخلص منه في الحج.

 

إلا ما كان منه مما أذن فيه شرعا فإن هذا مطلوب في كل وقت، ولاحظ قول النبي صلى الله عليه وسلم لمن قال له: يا رسول الله أوصني قال “لا تغضب” قال أوصني، قال “لا تغضب” والغضب يكون ابتداء، ويكون أكثر عند الحوار وعند النقاش وإذا غضب المحاور أو المحاور أو غضب الاثنان اللذان يناقشان المسألة، فإن الغضب يجعل المتخاصمين يسيران إلى غير الصواب، والقاضي لا يقضي وهو غضبان، كذلك من يجادل فيغضب فلا بد أن يحيد قليلا أو كثيرا، فلهذا إذا تناقشت مع أحد فاضبط نفسك مع هذه القضية العظيمة “لا تغضب” وفي الحج قد يأتي من يطعن فيك أو يطعن في العلماء أو يطعن من يطعن أهل البدع والضلال ولكن عليك بان تضبط نفسك بأن لا تغضب، فما نجح غاضب في الحوار قط، ولهذا أوصي بأن تعود نفسك على عدم الغضب، وإذا أردت أن تناقش أو تحاور أخا في الحج فإن الغضب قد يؤدي إلى هجر من القول، ثم قد يؤدي إلى قول سيئ، ثم يؤدي إلى كبيرة، وهكذا فلا بد من الانتباه للسان في ذلك.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى