القصة والأدب

نادية (قصة قصيرة)…بقلم د/عبير منطاش

نادية (قصة قصيرة)
د/عبير منطاش

عبد الله رجل طيب من الإسكندرية يعمل موظف بسيط في إحدى المصالح الحكومية والكل يشهد له بالاخلاق والطيبة هو وزوجته إنصاف ربة منزل متفانية في خدمة زوجها وتربية أبنائها الأربعة نادية ومنى وسمير وأيمن ظل عبدالله محافظ على سمعته وشرفه المهني رغم كل المواقف والاغراءات التي تعرض لها من رشاوي ومخالفات يستطيع كسب المال منها بالحرام ولكنه كان يتقي الله دائما ويخاف من المال الحرام ويراعي الله في عمله؛ لذلك كان راتبه قليل يكاد يعيش به هو وأبناءه.

ورغم قلة المال إلا أنهم كانوا أسرة سعيدة ينعمون بالحب والمودة فيما بينهم وفي أحد الأيام كان هناك فرح عند أحد الجيران وهو رجل من أصل ليبي وأصحاب الفرح قاموا بدعوة عائلة عبدالله فذهب هو والعائلة وهناك شاهد نادية رجل من أقارب أصحاب الفرح جاء من ليبيا لحضور الفرح ، أعجب بها كثيرا فقد كانت نادية في العشرين من عمرها فائقة الجمال ذات عيون خضراء وشعر أشقر وجمال يأخذ الأبصار.

نادية (قصة قصيرة)…

وبعد الفرح بثلاثة أيام جاءجارهم الليبي لزيارة عبدالله وفاتحه في موضوع زواج نادية لقريبه في البداية رفض ولكن جاره
أصر عليه أن يأخذ وقته في التفكير وأن لا يضيع فرصة كهذه على أبنته وقال أنه رجل غني وذو مكانة في بلده نعم هو يكبرها ب خمسة عشر عاما ولكنه
سيتزوج نادية بدون أن يكلفه شيء من جهاز عروسة وغيره بالإضافة إنه سيدفع مهر غالي جدا.

وانصرف جار عبدالله ليتركه في حيرة هل أوافق وأبعد عن ابنتي أم أرفض واضيع هذه الفرصة التي يمكن أن لا تتكرر
وبدأ يناقش الأمر مع زوجته إنصاف وسمعتهم نادية وهم في حيرة من أمرهم وبرغم خوف نادية من الموافقة والبعد عن أهلها لأنها بعد الزواج ستذهب مع زوجها لبلده إلا أنها أرادت أن تخفف الحمل عن والدها خاصة لأن أخواتها في التعليم ويعانوا من قلة المال الذي يقف عائق
في إكمال دراستهم.

نادية (قصة قصيرة)

وخاصة وشقيقها سمير كان حلمه أن يكمل دراسته الجامعية في كلية الطب وكان والدها يعارض ذلك بسبب ظروفهم المادية
رسمت نادية احلام وردية كيف ستسعد أسرتها وتحقق لهم كل أحلامهم ، وتخفف
بعض من الأعباء على والدها، وهنا نادية قررت الموافقة وأبلغت والدها بالموافقة وبالفعل تم الزواج بسرعة في خلال فترة
تجهيز جواز السفر كانت نادية أصبحت زوجة الشيخ سالم كما ينادونه.

وسافرت إلى ليبيا مع زوجها في حين ساد الحزن قلب عبدالله وزوجته لفراق أبنتهم
بينما كانت الفرحة تغمر قلوب أخواتها وهم يحلمون بكل ما وعدتهم به نادية من تحقيق لاحلامهم.

وعندما وصلت نادية لبيت زوجها كانت المفاجأة والصدمة التي لم تفكر بها ولم تتوقعها.. فقد وجدت في البيت زوجة الشيخ سالم الأولى.. وعرفت انه تزوجها لأن زوجته الأولي أخبرها الأطباء أنها لا تستطيع الإنجاب لعيب خلقي عندها.

انهارت نادية وتعرضت لصدمة عصبية وظلت فترة من الزمن تتلقى العلاج وكانت زوجة الشيخ سالم هى من تقوم بالعناية بها حتى تماثلت نادية للشفاء وأدركت أنها لابد أن تستسلم للأمر الواقع وترضخ للحياة الجديدة دون أن تخبر أسرتها عما حدث.

وبالفعل بدأت تكون هى وضرتها اصدقاء إلى يوم عرفت أنها حامل وهنا فرح زوجها فرحة عارمة واغدق عليها بالهدايا وأرسل
مالا كثيراً لأسرتها تعبيرا عن فرحته وكانت فرحته أكثر وأكثر عندما وضعت مولودها
وكان ذكرا فرح هو زوجته الأولي وأصبحوا أكثر كرما مع نادية وأسرتها.

حتى أن جيران عبدالله وإنصاف أصبحوا يتكلمون أن من يوم زواج نادية وحال أسرتها تغير سمير أصبح دكتور وأيمن في كلية فنون جميلة ويحضر لمعرضه الأول ومنى تزوجت وإنصاف أصبحت ترتدي الذهب وأفخر الثياب.

ومرت الأيام والسنين وحضرت نادية لزيارة أهلها بعد خمس سنوات لأول مرة بعد رحيلها مع زوجها، وكانت الأسرة فرحة جدا
باستقبالها هى وزوجها وأطفالها أحمد وعائشة وحضرت نادية بزيارة كبيرة لأسرتها من هدايا وملابس وعطور وكل شيء تعرف أنه يسعدهم وارتمت في أحضان أمها وأبيها والدموع تنهمر من عينيها، وتساءلت أمها ماذا حدث لكي
أين ابنتي الجميلة لما أصبحت نحيفة هكذا لماذا وجهك شاحب ،وما هذا السواد تحت
عينيك.. تحولت نادية من فتاة فاتنة الجمال إلى شبح امراءة، وعرف والدها ووالدتها بما حدث ولكن ما الحل؟؟ لا يوجد؟؟

الأم قالت احتفظي بأولادك وهو يسافر لبلده وهنا انفجرت في البكاء أن الأطفال تم تسجيل إسم الأم بإسم زوجته الأولي فاطمة ولم يسجلوا بإسم أمهم نادية
حتى أنهم ينادون نادية باسمها أما فاطمة فينادونها ماما ولم تستطيع نادية الإعتراض على شيء خوفا من أن يأخذوا
أطفالها ويتخلصون منها.

وانتهت إجازة الشيخ سالم وأخذ نادية والأطفال وسافروا مرة أخرى.

ولكن لم تطول الغيبة هذه المرة بعد عام واحد فقط حضرت نادية لكن ليس للزيارة والفسحة وإنما للعلاج أصيبت نادية بالسرطان وتاخرت حالتها حتى أنها طلبت
أن تقضي أيامها الأخيرة في بلدها مع أسرتها وبالفعل لم يطول الأمر سوى بضعة أشهر وماتت نادية وتركت خلفها طفلين
في رعاية أبوهم وزوجته الذي انقطعت علاقته بأسرتها بمجرد وفاتها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى