مقال

الدكروري يكتب عن عمر في سكرات الموت

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن عمر في سكرات الموت

بقلم/ محمـــد الدكـــروري

 

ولنا الوقفة مع الخليفة الراشد عمر بن الخطاب وهو في سكرات الموت فهذا هو فاروق الأمة، وأعدل الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، والفاروق عمر بن الخطاب هو الذي قال النبي صلي الله عليه وسلم في حقه “لو كان نبي بعدي لكان عمر” وهو الذي قال في حقه ابن مسعود رضي الله عنه “أكثروا من ذكر عمر، فإنكم إذا ذكرتم عمر ذكرتم العدل، وإذا ذكرتم العدل ذكرتم الله” فكيف وجد عمر بن الخطاب الموت؟ فإنه لما احتضر عمر بعد أن طعنه أبو لؤلؤة عليه لعنة الله، سأل الفاروق أول ما حملوه إلى داره من الذي قتلني؟ طمئنوني وأخبروني، فقالوا اطمئن يا أمير المؤمنين، إن الذي قتلك شاب مجوسي، فسجد عمر بن الخطاب شاكرا لله، ثم قال الحمد لله الذي جعل قتلي على يد رجل ما سجد لله سجدة.

 

فيحتج بهذه السجدة علي أمام الله يوم القيامة فنظر وغشي عليه، وبعدما أفاق من سكرات وضربات الموت، نظر إلى ولده عبد الله وقال يا عبد الله أين أنا؟ فوجد رأسه على فخذ ولده عبد الله فنظر عمر وبكى وقال ما هذا يا عبد الله ما هذا؟ قال ماذا تريد يا أبتي؟ قال ضع رأسي على التراب، ضع هذا الرأس على التراب يا عبد الله، قال وما ضرك يا والدي، وما ضرك يا أبتي ورأسك بين فخذي؟ فبكى عمر الفاروق وقال ويحك يا عبد الله ضع رأسي على التراب، حتى ينظر الله إلي بعين رحمته، فيخفف علي سكرات الموت، فسبحان الله العظيم فهذا هو عمر بن الخطاب في سكرات الموت، وهاهو أبي بكر الصديق رضي الله عنه وأرضاه، لما نام على فراش الموت جاءت ابنته عائشة رضي الله عنها تبكي وتصرخ.

 

وتقول يا أبتاه، يا أبتاه، وتقول في حقه شعرا لحاتم الطائي، فكشف الصديق الغطاء عن وجهه وقال لا تقولي شعرا، وإنما قولي قول الحق جل وعلا، قولي ” وجاءت سكرة الموت بالحق ذلك ما كنت منه تحيد” فقالوا يا أبا بكر، ويا خليفة المسلمين، نستدعي لك الطبيب، فقال الصديق لقد جاءني الطبيب ونظر إلي، فقالوا وماذا قال لك؟ قال، قال لي “إني فعال لما أريد” ولننظر جميعا خاتم الأنبياء المرسلين وسيد الخلق أجمعين صلي الله عليه وسلم وهو يعاني سكرات الموت، فكيف وجدت الموت يا رسول الله، يا خير خلق الله، يا من غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ انظروا إلى احتضار النبي صلى الله عليه وسلم، احتضر النبي ونام على فراش الموت، وتألم للموت وأحس بسكرات الموت.

 

ورشح جبينه الأنور بالعرق، ووضع يده في إناء به ماء كانت تحمله السيدة عائشة فمسح جبينه الأنور ثم قال “لا إله إلا الله، إن للموت لسكرات، إن للموت لسكرات، اللهم هون علي سكرات الموت” فهذا هو حال نبينا، هذا هو حال رسولنا صلى الله عليه وسلم، وظل هكذا يقول “إن للموت لسكرات” إلى أن نزل عليه جبريل عليه السلام فقال السلام عليك يا رسول الله، فرد النبي صلى الله عليه وسلم عليه السلام، فقال جبريل يا رسول الله ها هو ملك الموت قد أرسله الله إليك، ولكنه لن يدخل عليك إلا بعد أن تأذن له يا رسول الله، لقد أمره الله ألا يدخل عليك إلا بعد أن تأذن له، والله ما استأذن ملك الموت على أحد من قبلك، ولن يستأذن ملك الموت على أحد من بعدك، فقال النبي صلى الله عليه وسلم “ائذن له يا جبريل”

 

ودخل ملك الموت فقال السلام عليك يا رسول الله، لقد أمرني الله أن أخيرك، إن أمرتني أن أقبض روحك قبضت، وإن أمرتني أن أترك تركت، فمرني بما شئت يا رسول الله، فنظر النبي صلى الله عليه وسلم إلى جبريل، فقال جبريل يا رسول الله إن ربك مشتاق إليك، إن الله مشتاق إليك يا رسول الله فنظر الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم إلى جبريل عليه السلام وقال وأنا قد اشتقت إلى لقاء ربي عز وجل، وأنا قد اشتقت إلى لقاء الله جل وعلا، انصرف يا جبريل، أقبل يا ملك الموت، فقال جبريل السلام عليك يا رسول الله، السلام عليك يا حبيب الله، السلام عليكم أهل البيت ورحمة منه وبركاته، وانصرف جبريل عليه السلام، وأقبل ملك الموت، وجلس عند أشرف رأس، وعند أطهر روح.

 

فجلس عند رأس المصطفى صلى الله عليه وسلم وقال “يا أيتها الروح الطيبة، روح محمد بن عبد الله، روح خير خلق الله، اخرجي إلى مغفرة من الله ورضوان، ورب راض عنك غير غضبان ” يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلي ربك” وهي نفس محمد صلى الله عليه وسلم، نفس رسول الله ” يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلي ربك راضية مرضية، فادخلي في عبادي وادخلي جنتي” فهذا هو حال المصطفى صلى الله عليه وسلم عند الموت، يقول “إن للموت لسكرات، اللهم هون على أمتي سكرات الموت”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى