مقال

الدكروري يكتب عن فضل صيام يوم عاشوراء

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن فضل صيام يوم عاشوراء

بقلم / محمـــد الدكـــــروري

 

لقد جاء في فضل صيام يوم عاشوراء، تكفيره لذنوب سنة كاملة، فعن أبي قتادة أن رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم، عن صيام يوم عاشوراء فقال صلى الله عليه وسلم ” أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله ” رواه مسلم، وهو في هذا الفضل لا يقاربه من فضل صيام النوافل إلا صيام يوم عرفة، فهو يكفر سنة ماضية وباقية، ومن صام عرفة وعاشوراء جمع أسباب تكفير ذنوب العام الماضي، وتأكد ذلك في حقه أكثر من غيره، مع الأجر المكتوب لذات العمل، كالاستغفار يكثر منه المذنب، والتوبة الصادقة تقبل باستغفار واحد، ولكن الشارع ذكر تكفير الذنوب بالاستغفار وصيام عرفة وعاشوراء، ولم يذكر غيره من الفضائل والعواقب الحميدة.

 

لأن الذنوب هي سبب رفع الخير، وجلب البلاء، ولقد كان النبي صلى الله عليه وسلم، يتحرى صيامه أكثر من غيره، بل قرن تحريه بتحري رمضان فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال ” ما رأيت النبى صلى الله عليه وسلم، يتحرى صيام يوم فضله على غيره، إلا هذا اليوم، وهو يوم عاشوراء، وهذا الشهر، ويعنى شهر رمضان” رواه مسلم، وكذلك أيضا شدة حرص الصحابة على صيامه والأمر به، والخوف من فواته، فعن بن جرير الطبري، عن الأسود أنه قال ما أدركت أحدا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، كان آمر بصوم عاشوراء من علي وأبي موسى، وقد روى عن عبد الرحمن بن عوف أنه أضحى يوم عاشوراء.

 

حتى ارتفع النهار ولا يعلم ثم علم بعد ففزع لذلك، ثم صام وأمرنا بالصيام بعد أن أضحى، ويُشرع صيام يوم عاشوراء ويوما قبله، وذلك مخالفة لليهود والنصارى، وذلك أنهم يصومونه منفردا، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم، يصومه منفردا ثم شرع صيام يوم قبله مخالفة لهم، وأن النبي صلى الله عليه وسلم، شرع صيام التاسع والعاشر، وذلك أن عاشوراء سمي بهذا الاسم لكونه العاشر من محرم، والتاسع يُسمى تاسوعاء، وقد أمر ابن عباس رضي الله عنهما بصيام التاسع للعلم بالعاشر، وهكذا كان فعل السلف من الصحابة وغيرهم، يصومون عاشوراء ويوما قبله، وقد ثبت هذا عن ابن عباس وابن سيرين وغيرهما.

 

فقد كان محمد بن سيرين يصوم العاشر فبلغه أن ابن عباس كان يصوم التاسع والعاشر فصامهما، وعن بن عباس رضى الله عنهما، أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول في يوم عاشوراء ” خالفوا اليهود وصوموا التاسع والعاشر” وأما صيام ثلاثة أيام عاشوراء ويوما قبله ويوما بعده فلا دليل صحيح فيه، ثم إن النبي صلى الله عليه وسلم، قصد المخالفة، والمخالفة تحصل في صيام التاسع وحده، ولم يثبت عن أحد من الصحابة أنه صام الحادي عشر، وعن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث أن عمر أرسل إلى عبد الرحمن بن الحارث مساء ليلة عاشوراء أن تسحر وأصبح صائما فأصبح عبد الرحمن صائما.

 

ومما لا يشرع في هذا اليوم من الأعمال، هو جعله مأتما كما يفعله الرافضة، وموضعا للحزن، وهذا من أشد المنكرات، والجهالات في الإسلام، ولقد سئل شيخ الإسلام بن تيميه، عما يفعله الناس في يوم عاشوراء من الكحل والاغتسال والحناء، والمصافحة ‏وطبخ الحبوب وإظهار السرور وغير ذلك إلى الشارع، فهل ورد في ذلك عن النبي صلى الله عليه ‏وسلم حديث صحيح ؟ أم لا ؟ وإذا لم يرد حديث صحيح في شيء من ذلك فهل يكون فعل ذلك ‏بدعة أم لا ؟ وما تفعله الطائفة الأخرى من المأتم والحزن والعطش، وغير ذلك من الندب والنياحة ‏وقراءة المصروع وشق الجيوب، هل لذلك أصل ؟ أم لا ؟

 

فأجاب قائلا الحمد لله رب العالمين، لم يرد في شيء من ذلك حديث صحيح عن النبي صلى الله عليه ‏وسلم ولا عن أصحابه ولا استحب ذلك أحد من أئمة المسلمين، لا الأئمة الأربعة ولا غيرهم، ولا ‏روى أهل الكتب المعتمدة في ذلك شيئا لا عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا الصحابة ولا التابعين ‏لا صحيحا ولا ضعيفا لا في كتب الصحيح ولا في السنن ولا المسانيد ولا يعرف شيء من هذه ‏الأحاديث على عهد القرون الفاضلة، ولكن روى بعض المتأخرين في ذلك أحاديث مثل ما رووا أن ‏من اكتحل يوم عاشوراء لم يرمد من ذلك العام، ومن اغتسل يوم عاشوراء لم يمرض ذلك العام وأمثال ‏ذلك، ورووا فضائل في صلاة يوم عاشوراء.

 

ورووا أن في يوم عاشوراء توبة آدم واستواء السفينة على ‏الجودي ورد يوسف على يعقوب وإنجاء إبراهيم من النار وفداء الذبيح بالكبش ونحو ذلك، ورووا ‏في حديث موضوع مكذوب على النبي صلى الله عليه وسلم ” أنه من وسع على أهله يوم عاشوراء ‏وسع الله عليه سائر السنة ” ورواية هذا كله عن النبي صلى الله عليه وسلم، كذب وبهتان.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى