مقال

الدكروري يكتب عن الحلال والحرام في حياة الإنسان

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن الحلال والحرام في حياة الإنسان

بقلم / محمــــد الدكـــروري

 

إن من الخصال الحميدة التي تحمد من البائعين استعمال الأخلاق الحسنة كالسهولة والسماحة، وطلاقة الوجه وبشاشته، وحسن التعامل مع المشترين، وما أحسن أن يكون ذلك ابتغاء مرضاة الله عز وجل، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “رحم الله رجلا سمحا إذا باع، وإذا اشترى، وإذا اقتضى، وكما قال صلى الله عليه وسلم “إن الله يحب سمحَ البيع، سمح الشراء، سمح القضاء، وكما قال عليه الصلاة والسلام “أدخل الله الجنة رجلا كان سهلا مشتريا، وبائعا وقاضيا ومقتضيا” وإن هذه الآداب والأحكام ونحو ذلك مما لم يذكر إذا أخذ بها البائع المسلم ربح ونجا، واطمأن وسلم، وبورك له في بيعه وماله، ونال الكسب الطيب وزاد قصّاده من المشترين، واثقين بأمانته، وحسن معاملته.

 

وجودة بِضاعته فلو كان الباعة عاملين بهذه الآداب والأحكام لعمّ المجتمع الخير الكثير، وتمكنت في المال البركة والنماء، وساد في الناس الإخاء والحب والصحة فيا أيها البائع أيا كانت بضاعتك، لا تغفل عن هذه الآداب والأحكام فهي خير لك في الدنيا والآخرة، واحذر أن تبيع دينك من أجل دنياك، وآخرتك من أجل عيش لا يساوي عند الله جناح بعوضة، واعلم أن هناك حقائق أساسيه وقواعد كلية في الحلال والحرام، وإن من أول هذه القواعد الكلية في الحلال والحرام، هو أن الأصل في الأشياء الإباحة، والأصل أن كل شيء مباح لماذا؟ وما الدليل؟ لقول الله عز وجل فى سورة البقرة ” هو الذى خلق لكم ما فى الأرض جميعا” ولقول الله عز وجل كما جاء فى سورة الجاثية “وسخر لكم ما فى السماوات وما فى الأرض جميعا منه”

 

ولقول الله عز وجل كما جاء فى سورة لقمان ” ألم تروا أن الله سخر لكم ما فى السماوات وما فى الأرض وأسبغ عليكم نعمه ظاهرة وباطنة ومن الناس من يجادل فى الله بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير” فإن أى قضية سكت عنها الدين قضية مباحة، فالأصل في الأشياء الإباحة لذلك لا حرام إلا ما ورد فيه نص صحيح صريح، إذن النص غير صحيح أو النص صحيح ولكن غير صريح، نعود إلى أصل القاعدة، وهو الأصل في الأشياء الإباحة لا تحريم إلا بنص صريح صحيح، فأى قضية سكت عنها الدين إذن هي مباحة، فأصل القاعدة أن كل شيء مباح في الأصل ما لم يرد في تحريمه نص صحيح صريح، ولو اعتمدت على نص غير صحيح هذا الشيء يبقى على أصل القاعدة مباحا، ولو اعتمدت على نص صحيح.

 

لكن دلالته ليست قطعية، يرجع الحكم إلى أن هذا الشيء مباح وفق القاعدة الأصلية الأولية، فالقاعدة الأولى في الحلال والحرام أن الأصل في الأشياء الإباحة ما لم يرد نص صحيح صريح من قبل الله عز وجل في كتابه، أو من دوام النبي صلى الله عليه وسلم في سنته، لذلك موضوع الحلال والحرام لا يستطيع إنسان كائن من كان أن يقول لك هذا حلال وهذا حرام إلا بالدليل، فإذ قال إنسان هذا الشيء حرام، فقل له أين الدليل؟ ليس تحليل الحرام أو ليس تحريم الحلال بأقل إثما وخطرا وانحرافا من تحليل الحرام، سيّان أن تحلل حراما أو تحرم حلالا، فإن بطولة الإنسان ليس فى تحريم الحلال ولكن في إعطاء الرخصة مع الدليل، فإن أول قاعدة هى الأصل في الأشياء الإباحة ما لم يرد نص صريح صحيح في تحريمها

 

لذلك المؤمن لا يعمل فكره إلا بالطريقة التالية، إن كنت ناقلا فالصحة، إن كنت مدعيا فالدليل فلا يقبل شيئا محرما إلا بالدليل القطعي، وطالبه بنص صحيح قرآن كريم، حديث صحيح، حديث متواتر، حديث حسن، وطالبه بدلالة واضحة صريحة، أما أن تعتمد نصا ضعيفا، أو موضوعا، أو أن تعتمد مدلولا ظنيا، فهذا لا يجعل هذا الشيء حراما، بالمناسبة أى إنسان مهما كان علمه محدودا بإمكانه أن يقول لك هذا حرام، لكن البطولة ليس في تحريم الحلال ولكن في إعطاء الرخصة مع الدليل، هذا حلال وهذا الدليل، فإن هذا الشرع من عند خالق الكون، من عند الصانع، من عند الخبير.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى