مقال

الدكروري يكتب عن ما فضل الله به الإنسان

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن ما فضل الله به الإنسان

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

إن من المعلوم أن من أبرز ما فضل الله به الإنسان على سائر مخلوقاته هو العقل، ويكفي الإشارة إلى أهمية العقل في كتاب الله أنها تكررت كلمة العقل ومشتقاتها حوالي سبعين مرة، وغير ذلك من الآيات التي تتحدث عن وظائف العقل كالتفكر والتأمل والنظر في آيات الله وفي الأنفس والآفاق، والتي لا يمكن حصرها من كثرتها في كتاب الله، وإن الدلائل على عناية الإسلام بالعقل كثيرة فمن ذلك أنه اعتبر العقل إحدى الضرورات الخمس الكبرى التي ينبغي المحافظة عليها، وحرّم كل ما يضر بالعقل ويغيبه كالخمور والمسكرات والمفترات، وشرع العقوبات الرادعة لمن يتعاطى ذلك حفاظا على هذه النعمة العظيمة، ومنها أن الإسلام دعا العقل إلى اتباع البرهان، وأمر بنبذ الجهل والهوى والكبر والتعصب والتقليد الأعمى.

 

والجدل بالباطل والخرافات والأوهام والسحر والشعوذة والدجل لأن هذه الآفات كلها تعطل العقل عن وظيفته، فيتمسك صاحبه بالخطأ ولو ظهر عواره، ويعرض عن الصواب ولو استبانت أنواره، ومن هذه المظاهر هو أن الإسلام دعا العقل إلى التفكر والتأمل سواء كان التفكر في نصوص الشرع بحسن فهمها والعمل بها، أو التفكر في مجالات الكون الفسيح، وما أودع الله فيه من عجائب المصنوعات، الدالة على وحدانيته وعظمته وجلاله، وإن القرآن الكريم مليء بالآيات الداعية إلى النظر في سنن الكون وقوانين الحياة، فقال الله تعالى فى سورة يونس ” قل انظروا ماذا فى السماوات والأرض وما تغنى الآيات والنذر عن قوم لا يؤمنون” وعندما نزل على نبينا الكريم عليه السلام.

 

قوله سبحانه وتعالى ” إن فى خلق السموات والأرض وإختلاف الليل والنهار لآيات لأولى الألباب” كان في حال عجيبة من التأثر، حيث سئلت السيدة عائشة رضي الله عنها، فقيل لها أخبرينا بأعجب شيء رأيته من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسكتت، ثم قالت لما كان ليلة من الليالي، قال “يا عائشة، ذريني أتعبد الليلة لربي” قلت والله إني لأحب قربك وأحب ما سرك، قالت فقام فتطهر ثم قام يصلي فلم يزل يبكي حتى بل حجره، ثم بكى فلم يزل يبكي حتى بل لحيته، ثم بكى فلم يزل يبكي حتى بل الأرض، فجاء بلال يؤذنه بالصلاة، فلما رآه يبكي قال يا رسول الله، لم تبكي، وقد غفر الله لك ما تقدم وما تأخر؟ قال “أفلا أكون عبدا شكورا؟ لقد نزلت عليّ الليلة آية، ويل لمن قرأها ولم يتفكر فيها.

 

” إن فى خلق السموات والأرض وإختلاف الليل والنهار لآيات لأولى الألباب” وقد عاب الله على من يعطلون عقولهم عن وظائفها، ولا يسخرونها في التفكر، سواء في آياته الشرعية، كما في قوله تعالى فى سورة محمد ” أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها” أو في آياته الكونية، كما في قوله تعالى فى سورة يوسف”وكأين من آية فى السماوات والأرض يمرون عليها وهم عنها معرضون” ومن الدلائل أن القرآن حافل بالحجج العقلية الدامغة على وجود الله وتوحيد وصدق رسله وإثبات المعاد وغير ذلك، فمن ذلك على سبيل المثال، قوله تعالى فى سورة الطور ” أم خلقوا من غير شيء أم هم الخالقون” فهذا برهان عقلي قاطع فإما أن يكونوا خُلقوا من العدم، ومعلوم أن العدم لا يخلق شيئا لأن فاقد الشيء لا يعطيه.

 

وإما أن يكونوا خَلقوا أنفسهم، وهم يعلمون أنهم لم يخلقوا أنفسهم فلا يبقى إلا أن لهم خالقا، هو الله سبحانه وتعالى، ومن مظاهر اهتمام الدين الإسلامي بالعقل أنه دعا إلى تنمية العقول بالحث على التعلم والاستزادة منه لأن العلم زاد العقول، والنصوص الشرعية حافلة بالحث على طلب العلم، وبيان كثرة فضائله ومزاياه، فقال الله تعالى فى سورة آل عمران ” شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولو العلم قائما بالقسط لا إله إلا هو العزيز الحكيم” وقال الله سبحانه وتعالى فى سورة المجادلة ” يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات والله بما تعملون خبير” وقال تعالى قى سورة طه ” وقل رب زدنى علما”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى