مقال

من يستطيع إعادة الوحدة الفلسطينية وكيف ؟

جريدة الاضواء

من يستطيع إعادة الوحدة الفلسطينية وكيف ؟

كتب / يوسف المقوسي

 

يتفشى في فلسطين وهم كبير: إنجاز السيادة. كيف؟ هل هذا ممكن؟ ومتى؟ الأقوال ظلال والأفعال محال.

الصمت من ادوات التفكير. الصراخ من ادوات التفكير. السيادة في فلسطين بحاجة الى مساءلة الذات التاريخية، والذات الراهنة، اضافة الى تجربة فلسطين السيادية خلال عقدين، من عمر كيان كان في معظم الاحيان، موزعاً بين الأحضان المحلية والاقليمية والدولية.

حسناً. فلنبدأ بالفرضيات النظرية. السيادة اصلاً وفكراً، أصلٌ لا فرع. اساس الدولة والكيان، مدماك الاستقلال والقرار الوطني. تولد السيادة مع قيام الدولة وتكوين مؤسساتها. قراراتها منها وفيها، وسياساتها خيارات مبنية على مصلحة، او مصالح وطنية، اما علاقاتها الدولية، فتمليها مصلحة الدولة، آخذة بالاعتبار، القوى الاقليمية والدولية. فانحيازها الى محور، يلزم ان يكون منطلقاً من قاعدة عدم التفريط بالسيادة.

حسناً.. هل كانت فلسطين سيادية ذات حقبة؟

لا. كان ناقص السيادة بسبب واضح وبسيط ومتكرر. شعوب فلسطين ، لا يكفيها فلسطين ابداً. كانت فلسطين موزعت الولاءات الخارجية، في منطقة ارادها الاستعمار منذ 75 عام، كيانات غير مكتملة النصاب. التجزئة الكيانية، لم تؤمن الارضية لسيادة بنسبة معقولة.

ليس خطأ ابداً، ان فلسطين ، منذ تكوينها العجيب، القريب كانت بسيادات متعارضة جداً. نادراً ما كانت فلسطين ترتاح الى خيار منطقة تزدهر فيها الصراعات والخلافات متخطية خرائط سايكس – بيكو وبلفور ومشروع ايزنهاور والنهوض القومي، ونشوء كيان “اسرائيل”. فلسطين الثابتة ارضاً فقط، كانت منذ بداية سلطتها على جزء من أرضها تعاني من ارتجاجات وتصدعات اقليمية. كانت تنقسم باستمرار. ”فلسطين بجناحيها” لم يحلق ابداً. و”لا شرق ولا غرب”، ترجمت بمزيد من التغَرب والتشَرق. فلسطين نسخة مثالية لتشوهات تكوينية. وباختصار، لم تكن فلسطين متعافية نسبياً، إلا في المراحل القليلة التي كان فيها الاقليم مستقراً وغير مستنفر.

 

فلسطين أيها “السياديون الجدد”، يجب ان تكون سيدة مستقلة، ولكنها لم تكن، وصعب ان تكون. وكمثال على الصعوبة او الاستحالة، نسأل: “كيف ستحققون السيادة الفلسطينية، بوجود جماعات تنام في فراش الغرب والشرق وتحديداً، كيف يكون الحل مع معضلة سيادية قصوى: سلاح الأحزاب والحركات ”؟

السياسة لا تولد من الكتب والمراجع ومحاولات التماثل مع دول سياسية صارمة. تولد السياسة من واقع معروف بخصوصيته وبنيته وانتماءاته ومصالحه. نظرياً، السيادة ركن اساس في قيام الدولة المستقلة. فلنحاول ولنسأل: كيف يمكن حل مشكلة السيادة في المناطق الفلسطينية ؟

 

الواقعية هي أول شرط من شروط السياسة، وليس المثالية المستحيلة. “الحركات المسلحة” فلسطينية جداً، هي حركات دينية ، وهو “تخرق” السيادة بسلاحها. ومن شروط السيادة الأولى ان تتولى القيادة السياسية “غير المنحازة لشرق او لغرب او لإقليم” الأمرة السيادية العسكرية والامنية والسياسية.. هذه حقوق طبيعية لدول طبيعية بنسبة معقولة ومضمونة وثابتة.

متى كان الجيش الفلسطيني، ضمانة فعالة، لحفظ السيادة والدفاع عنها؟ الجواب سلبي. الجيش الفلسطيني، يشبه الفلسطينيين، وما يُكال له من مدائح. كل الصفات التي تسبغ على الجيش، هي صبغة لا أكثر. نادراً ما كان الجيش مصاناً. صان نفسه عندما لم يتدخل كقوة حفظ أمن وحدود. وكثيراً ما هجس الفلسطينيون بوحدة الجيش. ولقد انفرط مراراً وتقسم وشارك بالفتن. معيب ان نوكل الى جيش الحفاظ على السيادة، وفي قياداته، على المستويات كافة، ولاءات “فلسطينية حزبية”. ثم ان التوزيع الحزبي والتنظيمي حاصل في الجيش. الجيش أحزاب. هو هش جداً. ولا يعوَل عليه داخلياً. أما خارجياً، فهو يعرج بين عميان. هذا ليس ذماً، بل هو وصف. يُفترض بنا تذكر سنوات الفتنة، وانفراط الجيش. أما ما له علاقة بالحدود، فحدَث ولا حرج وبتواضع.

لدى دولة الإحتلال “اسرائيل” جيش واحد لدولة واحدة. فلسطين ، لديها جيوش لدويلات وأحزاب متعددة. الرابط بينها تسوية عرجاء لكل فريق جدار يتكئ عليه ويطالبون بالسيادة.

 

فلنفترض ان “السياديين” الجدد، وهم على حق نظرياً، يطمحون الى توحيد البندقية في فلسطين

هل هذا ممكن؟ نعم ام لا؟ كيف؟ بالقوة ام بالتفاهم؟ بسلم ام بحرب؟

قليل من الغضب هنا: متى كانت فلسطين سيادية؟ الفلسطينيون السياديون، عملة نادرة. ومعظمهم من كتبة النصوص ومفكري الاستقلال. فلسطين كانت ذات حقبة، تركية وبريطانية. ثم كانت غربية وناصرية ثم: ابعدوا عنها كأس فلسطين. فأدارت ظهرها وأغمضت عينيها. كانت مع جمال عبد الناصر وضده، الفلسطينيون، ناصريون واميركيون، وبظهرهم مشروع ايزنهاور . ثم ان فلسطين كانت فلسطينية في زمن ابو عمار، فيما غيره استنجد بسوريا وقطر وايران ، وسرعان ما انقلب الحمساوي عليها واستوى الاسرائيلي محلها. ثم حضرت دول ممولة وموزعة سلاح كلها موالية لإسرائيل.

 

هذه هي فلسطينكم ايها الفلسطينيون السياديون.

 

لا سيادة تعلو السيادات المعترف بها عربيا ودوليا .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى