مقال

حَدِيثُ الصَّبَاحِ…….

جريدة الاضواء

حَدِيثُ الصَّبَاحِ

أشرف عمر

 

منْ جَوَامِعُ الْكَلِمِ

 

عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ أَنَّ رَجُلا قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ ، إِنَّ لِي مَالا وَوَلَدًا، وَإِنَّ أَبِي يُرِيدُ أَنْ يَجْتَاحَ مَالِي، فَقَالَ:

 

*{ أَنْتَ وَمَالُكَ لأَبِيكَ }.*

 

حديث صحيح رواه ابن ماجه.

 

*شرح الحديث:*

للوالدِ حقٌّ عظيمٌ على أولادِه، ومَعرفةُ حُقوقِه والقِيامُ بها مِن أعظمِ الأعمالِ الصالحةِ بَعدَ التوحيدِ، وفي هذا الحديثِ يَحكي عبدُ اللهِ بنُ عمرِو بنِ العاصِ رضِيَ اللهُ عنهما، أنَّه: “جاء رجُلٌ إلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فقال: إنَّ أبي اجْتاحَ مالي”، أي: أخَذَه بدونِ إذني يُريدُ أنْ يستأصِلَه ويأتِيَ عليه، “فقال: أنت ومالُك لأبيك، وقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: إنَّ أولادَكم مِن أطيبِ كَسْبِكم، فكُلوا مِن أموالِهم”، والمعنى: أنَّ يَدَ الوالِدِ مَبسوطةٌ في مالِ ولَدِه يأخُذُ منه ما شاء، وقيل: معنى هذا: أنَّ الرَّجُلَ مُشارِكٌ لولدِه في مالِه؛ فله الأكْلُ منه، سواءٌ أذِنَ الولَدُ أو لم يأذَنْ، وله أيضًا أنْ يتصرَّفَ به كما يتصرَّفُ بمالِه ما دام مُحتاجًا، ولم يكُنْ ذلك على وجْهِ السَّرَفِ والسَّفَهِ، ويمكِنُ أنْ يكونَ ما ذكَرَه السَّائلُ مِن اجتياحِ والدِه مالَه إنَّما هو بسبَبِ النَّفقةِ عليه، وأنَّ ما يحتاجُ إليه منها كثيرٌ، لا يسَعُه مالُ الولَدِ إلَّا بأنْ يَجتاحَ أصْلَه، فلم يَعذِرْه النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، ولم يُرَخِّصْ له في تَرْكِ النَّفقةِ، وقال له: “أنت ومالُك لأبيك” على معنى: أنَّه إذا احتاجَ إلى مالِكَ أخَذَ منك قَدْرَ الحاجةِ كما يأخُذُ مِن مالِ نفْسِه، فأمَّا أنْ يكونَ أراد به إباحةَ مالِه حتَّى يجتاحَه ويأتِيَ عليه فلا، واللَّامُ في “لأبيك” لامُ الإباحةِ لا لامُ التَّمليكِ؛ فإنَّ مالَ الولَدِ له، وزكاتَه عليه، وهو مُوروثٌ عنه، وقد جعَلَ اللهُ تعالى لكلٍّ مِن الأبِ والابنِ ذِمَّةً مالِيَّةً مُستقِلَّةً؛ بدليلِ أنَّ الابنَ لا يُخْرِجُ الزَّكاةَ عن والدِه، ولا الأبُ عن ابنِه، وأنَّ الأبَ يرِثُ مِن ابنِه نَصيبًا مَفروضًا، ولو كان المالُ له لوجَبَ أنْ يأخُذَه كلَّه ولا يقتصِرَ على هذا القَدْرِ.

 

صبحكم الله بكل خير وصحة وسعادة وبركة في العمر والرزق وطاعة وحسن عبادة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى