مقال

الدكروري يكتب عن لرادك إلى معاد

جريده الاضواء

الدكروري يكتب عن لرادك إلى معاد

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

لقد تعدت الجوانب الإنسانية في الشريعة الإسلامية من الرحمة بالإنسان إلي الرحمة بالحيوان، حيث بلغ من إنسانيته صلي الله عليه وسلم تجاه الحيوان أن اهتاجت مشاعره حين دخل حائطا لرجل من الأنصار، فإذا جمل قد حن إليه صلى الله عليه وسلم تذرف عيناه بالدمع مما يفعله به صاحبه، فمسح ذفراه فسكت فقال صلي الله عليه وسلم ” من رب هذا الجمل؟ أي لمن هذا الجمل؟ أي أين صاحب هذا الجمل فجاء فتى من الأنصار فقال لي يا رسول الله، فقال ” أفلا تتقى الله في هذه البهيمة التي ملكك الله إياها، فإنه شكا إلى أنك تجيعه وتدئبه” وقال السدي عن أبي صالح، عن ابن عباس رضى الله عنهما “إن الذي فرض عليك القرآن لرادك إلى معاد” يقول لرادك إلى الجنة، ثم سائلك عن القرآن.

 

وقال الحكم بن أبان عن عكرمة، وعن ابن عباس رضي الله عنهما ” لرادك إلى معاد” قال إلى يوم القيامة، وقيل أيضا إلى الموت، وقيل لرادك إلى معدنك من الجنة، وقال الحسن البصري، أي والله ، إن له لمعادا، يبعثه الله يوم القيامة ثم يدخله الجنة، وعن عكرمة عن ابن عباس رضى الله عنهما ” لرادك إلى معاد” قال إلى مكة، أي لرادك إلى مكة كما أخرجك منها، وعن مجاهد في قوله ” لرادك إلى معاد” أى إلى مولدك بمكة، ووجه الجمع بين هذه الأقوال أن ابن عباس فسر ذلك تارة برجوعه إلى مكة وهو الفتح الذي هو عند ابن عباس أمارة على اقتراب أجله، صلوات الله وسلامه عليه، كما فسره ابن عباس بسورة ” إذا جاء نصر الله والفتح ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجا، فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان توابا”

 

أنه أجل رسول الله صلى الله عليه وسلم نعي إليه، وكان ذلك بحضرة عمر بن الخطاب، ووافقه عمر على ذلك، وقال لا أعلم منها غير الذي تعلم، ولهذا فسر ابن عباس تارة أخرى قوله ” لرادك إلى معاد” بالموت، وتارة بيوم القيامة الذي هو بعد الموت، وتارة بالجنة التي هي جزاؤه، ومصيره على أداء رسالة الله وإبلاغها إلى الثقلين الجن والإنس، ولأنه أكمل خلق الله، وأفصح خلق الله، وأشرف خلق الله على الإطلاق، وقوله تعالى ” قل ربي أعلم من جاء بالهدى ومن هو في ضلال مبين” أي قل لمن خالفك وكذبك يا محمد من قومك من المشركين ومن تبعهم على كفرهم، قل ربي أعلم بالمهتدي منكم ومني، وستعلمون لمن تكون عاقبة الدار، ولمن تكون العاقبة والنصرة في الدنيا والآخرة.

 

ثم قال تعالى مذكرا لنبيه نعمته العظيمة عليه وعلى العباد إذ أرسله إليهم “وما كنت ترجو أن يلقى إليك الكتاب” أي ما كنت تظن قبل إنزال الوحي إليك أن الوحي ينزل عليك ” إلا رحمة من ربك” أي إنما نزل الوحي عليك من الله من رحمته بك وبالعباد بسببك، فإذا منحك بهذه النعمة العظيمة “فلا تكونن ظهيرا” أي معينا، للكافرين” أي ولكن فارقهم ونابذهم وخالفهم “ولا يصدنك عن آيات الله بعد إذ أنزلت إليك” أي لا تتأثر لمخالفتهم لك وصدهم الناس عن طريقك، لا تلوي على ذلك ولا تباله فإن الله معل كلمتك، ومؤيد دينك، ومظهر ما أرسلت به على سائر الأديان ولهذا قال “وادع إلى ربك” أي إلى عبادة ربك وحده لا شريك له “ولا تكونن من المشركين” وقوله “ولا تدع مع الله إلها آخر لا إله إلا هو”

 

أي لا تليق العبادة إلا له ولا تنبغي الإلهية إلا لعظمته، وقوله “كل شيء هالك إلا وجهه” هو إخبار بأنه الدائم الباقي الحي القيوم الذي تموت الخلائق ولا يموت، كما قال تعالى فى سورة الرحمن “كل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام” فعبر بالوجه عن الذات، وهكذا قوله هاهنا “كل شيء هالك إلا وجهه” أي إلا إياه سبحانه وتعالى.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى