القصة والأدب

الدكروري يكتب عن شيخ صناعة الوعظ ودرة المجالس

الدكروري يكتب عن شيخ صناعة الوعظ ودرة المجالس

الدكروري يكتب عن شيخ صناعة الوعظ ودرة المجالس

بقلم / محمـــد الدكـــروري

ذكرت المصادر التاريخية الإسلامية الكثير والكثير عن الإمام إبن الجوزي، وهو الشيخ الإمام العلامة، الحافظ المفسر، شيخ صناعة الوعظ، درة المجالس، وجامع الفنون، وصاحب التصانيف الكثيرة، جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد بن علي بن عبيد الله بن الجوزي، ينتهي نسبه إلى أمير المؤمنين، وخليفة رسول صلى الله عليه وسلم أبي بكر الصديق رضي الله عنه، وإن طريق العلماء الربانيين مليء بالابتلاءات والمحن، وهم يعرفون ذلك جيدا، ولكن بعض البلايا والمحن تكون أشد وقعا وأثرا من غيرها، فمثلا إذا كانت المحنة من أقارب العالم وأهله فهي أشد وقعا من غيرها، وإذا كانت المحنة عند تقدم السن، واشتعال الرأس فهي أشد وقعا من غيرها.

 

وإذا كانت المحنة ستشرد صاحبها وتنفيه وحيدا عن أهله وبلده فهي أشد وقعا من غيرها، وإذا كانت المحنة ستنقل صاحبها من المكانة والشهرة والإمامة إلى الهجر والنسيان والإهانة فهي أشد وقعا من غيرها، وأما إذا اجتمعت كل هذه الشروط والعناصر في المحنة والبلية، ثم يروضها صاحبها، ويستفيد منها، ويحولها إلى منحة عظيمة فهذا أمر جدير بالكتابة، والاستفادة منه، وفي عهد الخليفة الناصر قد عينه ابن يونس الحنبلي في ولايته منصب الوزارة بعد أن سحب المنصب من عبد السلام بن عبد الوهاب بن عبد القادر الجيلي الذي أحرقت كتبه بسبب اتهامه بالزندقة وعبادة النجوم، وخلف ابن القصاب منصب ابن يونس الحنبلي فلاحق كل من له صلة به، فكان مصير ابن الجوزي النفي.

 

وأخرج ابن الجوزي من سجن واسط وتلقاه الناس وبقي في المطمورة خمس سنين، ولقد كان حريصا على الوقت متفرغا للعلم، فقال في صيد الخاطر فليس في الدنيا أطيب عيشا من منفرد عن العالم بالعلم، فهو أنيسه وجليسه، قد قنع بما سلم به دينه من المباحات الحاصلة، لا عن تكلف ولا تضييع دين، وارتدى بالعز عن الذل للدنيا وأهلها، والتحف بالقناعة باليسير، إذا لم يقدر على الكثير بهذا الاستعفاف، يسلم دينه ودنياه، واشتغاله بالعلم يدله على الفضائل ويفرجه عن البساتين، فهو يسلم من الشيطان والسلطان والعوام بالعزلة، ولكن لا يصلح هذا إلا للعالم، فإنه إذا اعتزل الجاهل فاته العلم فتخبط، ويقول مغنية الحي لا تطرب، ويقول الكتب هم الولدان المخلدون، ويقول في طريق إحكام المحفوظ .

 

“ينبغي للإنسان أن يعيد بعد الحفظ ليثبت معه المحفوظ، وقال لنا الحسن النيسابوري الفقيه لا يحصل الحفظ إلـيَّ حتى يعاد خمسين مرة” ومن أقوال العلماء فيه، أنه قال عنه ابن كثير “أحد أفراد العلماء، برز في علوم كثيرة، وانفرد بها عن غيره، وجمع المصنفات الكبار والصغار نحوا من ثلاثمائة مصنف” وقال عنه الذهبي “ما علمت أن أحدا من العلماء صنف ما صنف هذا الرجل” وقال عنه ابن رجب صاحب “ذيل طبقات الحنابلة” إنه “الحافظ المفسر، الفقيه الواعظ، الأديب، شيخ وقته، وإمام عصره” وقال عنه ناصح الدين ابن الحنبلي الواعظ، اجتمع فيه من العلوم ما لم يجتمع في غيره، وكانت مجالسه الوعظية جامعة للحسن والحسان”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى