الدكروري يكتب عن أعظم الأمانات في الحياة بقلم / محمـــد الدكـــروري اليوم : الخميس الموافق 16 نوفمبر 2023
إن الحمد لله، نحمده ونستغفره ونستعينه ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، لقد امتن الله تعالى على عباده بجعله النهار لهم ضياء يبتغون فيه من فضله، وامتن بجعله الأرض ميدانا لهذا الكسب والمعاش، ومن هنا يتضح حرص الإسلام على السعي والاجتهاد ، شريطة أن يكون العمل في صالح البلاد والعباد، ويقول الله تعالى للسيدة مريم حين جاءها المخاض وهي بجوار النخلة ” وهزي إليكي بجذع النخلة تساقط عليكي رطبا جنيا” فأمرها الله بالجد وبذل الجهد أولا، فيجب على الإنسان ذكرا كان أو أنثى أن يسعى وينصب ليرزقه الله من فضله ونعمه.
وينبغي على العامل أن يعلم بأن العمل عبادة وطاعة لله سبحانه وتعالى وأن الله تعالى سوف يحاسبه يوم القيامة عن عمله، ولقد نظر الإسلام إلى العمل نظرة توقير وتمجيد فرفع قدر العمل وقيمته وجعله سبيلا للرقي والتقدم، وجعله عبادة يثاب عليها وأصبح الكسل وترك العمل نقصا في حق الإنسان فقد حث القرآن الكريم من خلال آياته على السعي على المعاش والعمل، وجعله في مصاف العبادات، فقد نادانا الحق سبحانه لصلاة الجمعة بأمر، ثم صرفنا إلى العمل بأمر مساوي له وجاء الأمر بالانتشار في الأرض طلبا للرزق الحلال بعد الأمر بالصلاة، وإن أعظم الأمانات أمانة رسول الله صلى الله عليه وسلم على رسالة الوحي التي كلفه الله تعالى بتبيلغها، فأدّاها على أكمل وجه، وإن من القيم أيضا هو الكرم والجود.
وهما يدلان على سعة وكثرة العطاء، وقد كان الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام أجود الناس وأكثرهم كرما، وقد شمل عطاؤه أنواع الجود كله، فقد بذل نفسه وماله وعلمه في سبيل تبليغ دعوة الإسلام للبشرية، وكان سخيا يؤثر غيره على نفسه، لا يمنع سائلا، ويلتمس أهل الحاجة فيطيهم ما تيسر لديه، وأيضا من القيم هى التزكية، ويقصد بها معنيان الأول هو التطهير، أي تطهير النفس من الآفات والعيوب المعنوية، والثاني هو تنمية الفضائل وعناصر الخير التي تحقّق الصفاء وصلاح الدنيا والآخرة في النفس، وقد بعث النبي محمد عليه الصلاة والسلام لتزكية البشر، فقال الله تعالى ” هو الذى بعث فى الأميين رسولا منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفى ضلال مبين” وكذلك فإن من القيم هو العدل.
ويقصد به مجانبة الظلم والجور، والتوسط في الأمور، والتزام الحق، ولم يقتصر العدل في الإسلام على التشريعات والأحكام الإسلامية، وإنما شمل حياة الفرد والمجتمع بكل ما فيها، وعلاقات الإنسان كلها، وعمل الإسلام على تحقيق العدل بأشكاله الثلاث، العدل القانوني الذي يعني سريان القوانين على جميع الناس دون تفرقة بينهم، والعدل الاجتماعي الذي ألغى التفرقة بين طبقات المجتمع على اختلافها، وعمل على توفير الحياة الكريمة للناس جميعهم على اختلاف منابتهم وأصولهم، وأخيرا العدل الدولي الذي يعنى برفع الظلم عن المظلومين ومنع استضعاف أحد، والحرص على الوفاء بالعهود والمواثيق.