مقال

لقيط بنى مالك ” الجزء الثانى

 

إعداد / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء الثانى مع لقيط بن مالك ” ذو التاج” وقد توقفنا مع حذيفة بن محصن القلعانى أو الغلفانى البارقي، وهو من أصحاب النبى الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وقد بعثه صلى الله عليه وسلم، إلى اهل عمان مصدقا له وواليا عليهم، فهو قائد عسكرى شهد الفتوحات الإسلامية فشهد القادسية وفتوحات الفرس وكان من المفاوضين الذين بعثهم القائد سعد بن أبي وقاص إلى رستم قائد الفرس، وقد أَمَّره أبو بكر الصديق في حرب أهل الردة، وأما عن ذو التاج لقيط بن مالك الأزدي، فقد ادّعى النبوة وغلب على أهل عمان وطرد منها عمال الخليفة أبي بكر الصديق رضى الله عنه، وكان الغالب على عمان الأزد فلما كانت سنة ثمانى من الهجرة، بعث النبى صلى الله عليه وسلم أبا زيد الأنصارى وعمرو بن العاص رضي الله عنهما إلى عبيد وجيفر من بني جلندى حكام عمان، ومعهما كتاب يدعوهما فيه إلى الإسلام، وقال “إن أجاب القوم إلى شهادة الحق وأطاعوا الله ورسوله، فعمرو الأمير، وأبو زيد على الصلاة” فأسلم عبيد وجيفر.

 

ودخل أهل عمان في الإسلام، ولم يزل عمرو وأبو زيد رضي الله عنهما في عمان حتى توفى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فارتدت الأزد وعليها لقيط بن مالك ذو التاج وانحازت إلى دبا، والتجأ عبيد وجيفر إلى الجبال والبحر هربا منه، وكاتبا أبا بكر الصديق رضي الله عنه بخبر ما حدث، وكانت عمان في عصر الرسالة تابعة لفارس، فهى بحكم موقعها الجغرافي فى الجزء الجنوبى الشرقى من جزيرة العرب أقرب إلى فارس منها إلى المناطق الشمالية الغربية فى الجزيرة العربية التي يفصلها عن الربع الخالى، وكانت فارس حريصة على إخضاع القبائل الضاربة في شرق الجزيرة العربية على الخليج العربى، لتتحكم بهذا الخليج وبمدخله الجنوبي مضيق عمان “هرمز” ومن جهتها اعتمدت هذه القبائل على فارس، فكان طبيعيا أن تعادي الدعوة الإسلامية، وكما دفع الفرس بسجاح لإثارة المشكلات في وجه الدعوة الإسلامية ومحاربة المسلمين فادعت النبوة لتستقطب القبائل، كذلك دفع هؤلاء ذا التاج لقيط بن مالك الأزدى.

 

فادعى النبوة وحمل قومه على الإيمان به وحارب المسلمين، وأما عن معركة دبا فهى معركة كانت فى حروب الردة بين جيش لقيط بن مالك الأزدى المتنبئ بعد وفاة النبى الكريم محمد صلى الله عليه وسلم وجيش جيفر وعبد ابنى الجلندي ومن ثبت على دين الإسلام، والتقيا في موضع في دبا وقد انتهت تلك المعركة بانتصار المسلمين بعد أن انضمت بعوث حذيفة بن محصن وعرفجة بن هرثمة وعكرمة بن أبي جهل التي وجهها الخليفة أبو بكر الصديق رضى الله عنه لقتال المرتدين ومهرة إلى جيش ابني الجلندى وأما عن صحار فهى إحدى ولايات محافظة شمال الباطنة بالجزء الشمالي من سلطنة عمان، وهى تبعد عن العاصمة مسقط بأكثر من مائتى وثلاثون كيلو متر شمالا، وهي العاصمة القديمة لعمان، وصحار مدينة تعتمد على صيد الأسماك والتجارة وأيضا الزراعة، وتعرف في الوقت الحالي بأنها محور الصناعة العمانية، وذلك لوجود ميناء صحار الصناعي، وقد ذكر ياقوت الحموى في كتابه معجم البلدان عن صحار بأنها قصبة عمان.

 

 

 

وهى مدينة طيبة الهواء والخيرات والفواكه مبنية بالآجر والساج كبيرة ليس في تلك النواحي مثلها، وقيل سميت بصحار نسبة إلى صحار بن إرم ابن سام بن نوح عليه السلام، وتعتبر صحار المركز الإداري لمحافظة شمال الباطنة بسلطنة عمان، وذلك نظرا لتواجدها على الساحل الرملي المنخفض بمحافظة الباطنة فهي تطل على بحر عمان، حيث تشترك من جهة الجنوب مع صحم ومن جهة الغرب مع البريمي ومن جهة الشمال مع لوى ومن جهة الشرق تطل صحار على بحر عمان، وتنقسم صحار من الناحية الجغرافية إلى ثلاث مناطق هي الشريط الساحلى وهى تمتد منطقة الشريط الساحلي بطول خمسة وأربعون كيلومترا تقريبا على خليج عمان، وتبدأ من مجز الكبرى جنوبا وتنتهي بمجيس شمالا، والمنطقة السهلية وهى تمتد هذه المنطقة على نحو مستو من محاذاة الساحل إلى منطقة الحجر غربا لمسافة عشرة كيلومترات تقريبا، والمنطقة الجبلية، وتقع هذه المنطقة التي تضم معظم قرى ولاية صحار ضمن سلسلة جبال الحجر الغربى.

 

وتوجد بها العديد من الأودية، ومن أشهرها وادى الجزى الذى يقع بمحاذاة شارع صحار البريمي، ووادى عاهن، وهو ثانى أكبر وادى في الولاية بعد وادى الجزى، ووادى حيبى الذى يقع على بعد حوالي عشرون كيلومترا من جهة الغرب من دوار الولاية ويتصف بغزارة المياه فيه، وأيضا وادى الحلتى ووادى الصلاحى وغيرها من الأودية التي تتوزع في ربوع صحار، ولم يكد نبأ وفاة النبى محمد صلى الله عليه وسلم ينتشر في بلاد العرب حتى اشتعلت الفتنة فى كل أنحاء الجزيرة العربية ، بأشكال مختلفة، ولأسباب متباينة، وبرزت ظاهرة التنبؤ كإحدى الانعكاسات للنجاح الإسلامي في الحجاز، وإن كان بعض المتنبئين قد أعلنوا دعوتهم فى أواخر حياة النبي، فتنبأ الأسود العنسى في اليمن، ومسليمة الكذاب في بني حنيفة في اليمامة، وطليحة فى بني أسد، وسجاح التميمية، ولقيط فى عمان، وهو ذو التاج لقيط بن مالك الأزدى، وقد ادّعى النبوة وغلب على أهل عمان، وطرد منها عمال الخليفة أبو بكر الصديق، والذى جرّد له أبو بكر الصديق.

 

 

حملات استطاعت القضاء على حركته وقتله، خلال حروب الردة، وعمان هي اسم كورية عربية على ساحل بحر اليمن والهند، وكان الغالب على عمان هم الأزد، ولم يزل عمرو وأبو زيد في عمان حتى توفى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فارتدت الأزد وعليها لقيط بن مالك ذو التاج وانحازت إلى دَبَا، ودبا وهى سوق من أسواق العرب بعمان، والتجأ عبيد وجيفر إلى الجبال، والبحر هاربا منه، وكاتبا الخليفة أبا بكر الصديق بخبر ما حدث، ولقد كانت عمان في عصر الرسالة المحمدية تابعة لفارس، فهى بحكم موقعها الجغرافى في الجزء الجنوبى الشرقى من جزيرة العرب، أقرب إلى فارس منها إلى المناطق الشمالية الغربية، فى الجزيرة العربية التي يفصلها عن الربع الخالى، وكانت فارس حريصة على إخضاع القبائل الضاربة في شرقي الجزيرة العربية على الخليج العربي لتتحكم بهذا الخليج وبمدخله العربى، مضيق عمان وهو مضيق هرمز، ومن جهتها اعتمدت هذه القبائل على فارس، فكان طبيعيا أن تعادى الدعوة الإسلامية.

 

 

وكما دفع الفرس بسجاح لإثارة المشكلات فى وجه الدعوة الإسلامية ومحاربة المسلمين، فادعت النبوة لتستقطب القبائل، وكذلك دفع هؤلاء ذا التاج لقيط بن مالك الأزدي، فادعى النبوة وحمل قومه على الإيمان به، وحارب المسلمين، وتم القضاء عليه في حروب الردة على عمان، والتى انتصر بها المسلمون، وكان حذيفة قائد الحملة التي أرسلها أبو بكر الصديق إلى دبا لما ارتد أَهلها، وكان معه عكرمة بن أبي جهل وعرفجة بن هرثمة البارقى فظفروا بالمرتدين، وقد عينه الخليفة الراشد أبو بكر الصديق واليا على عمان، وبعد وفاة أبى بكر الصديق رضى الله عنه، فقد ولاه أمير المؤمنين عمر بن الخطاب على اليمامة، وقد أجمع النسابة في روايات مختلفة أن حذيفة من الأزد ثم بارق واسمه حذيفة بن محصن البارقى ومن أشهرهم ابن الكلبى، البلاذرى، الواقدى، الحموى، أبو المنذر الصحارى، وهو أخو عمرو بن محصن الأزدى، قاتل عمار بن ياسر، وقد شذ عن ذلك سيف بن عمر وهو من الضعاف في النسب والرواية، ونسب حذيفة لحمير.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى