فى مثل هذا اليوم

في مثل هذا اليوم

في مثل هذا اليوم
كتب/ يوسف المقوسي

في مثل هذا اليوم 29 مايو من سنة : 1948 –
الإعلان عن الهدنة في حرب فلسطين.

انتهت حرب فلسطين الأولى التي نشبت عام 1948، بتوقيع اتفاقيات الهدنة بين البلدان العربية التي اشتركت جيوشها في الحرب (ما عدا العراق) وبين العدو الإسرائيلي.
ورغم أن الجيوش العربية لم تخسر الحرب بالمعنى العسكري، حيث كانت جميعاً متوقفة في الأراضي الفلسطينية لا في أراضي حكوماتها الوطنية، يمكن القول في المقابل بأن الحكومات العربية قد خسرت هذه الحرب لأنها لم تتهيأ لدخولها أصلاً.
ولا بد من التمييز بين (النتائج العسكرية) و (النتائج القومية والسياسية) التي انتهت إليها حرب فلسطين 1948، فإذا كانت الأخيرة سلبية وكارثية فإن النتائج العسكرية كانت مقبولة وخاصة قبل توقيع اتفاقية الهدنة الأولى في 29 ماي 1948، ويمكن الإشارة هنا إلى أخطر النتائج السياسية والقومية التي قادت إليها هذه الحرب:
1) أدت إلى نشوء دولة إسرائيل، وزرعها كخنجر يفصل بين آسيا العربية وأفريقيا العربية.
2) أدت إلى احتلال الإسرائيليين لمعظم الأراضي الفلسطينية عدا (الضفة الغربية) التي ألحقت بمملكة شرقي الأردن، استناداً لمقررات مؤتمر أريحا، في أول ديسمبر 1948، حيث أصبحت الضفتان تشكّلان «المملكة الأردنية الهاشمية» وكذلك (قطاع غزة) الذي أخضع للإدارة العسكرية المصرية منذ عام 1948 وحتى عام 1967 .
3) تم تهجير الشعب العربي الفلسطيني من أراضيه، حيث خرج من الأرض الفلسطينية عام 1948/1949 ما يزيد على 800000 فلسطيني ولم يبق إلا 160000 منهم في مناطق الجليل والناصرة ويافا والنقب.
4) بث عدم الاستقرار السياسي والأمني في المنطقة، ودليل ذلك تعرّض سورية، على سبيل المثال لانقلابين عسكريين عام 1949 (انقلاب حسني الزعيم وانقلاب سامي الحناوي) واللذين يعتبران إفرازاً مباشراً للحرب، إضافة إلى ذلك تعرضت الدول الأربع المحيطة بإسرائيل لهجمات عدوانية متكررة وهو ما ألزمها بالحفاظ على حشود عسكرية قوية للدفاع عن نفسها، وصرف نفقات طائلة في هذا المجال كان بوسعها أن تخصّصها في مجالات التنمية.
5) كانت الحرب أحد الأسباب التي أدّت إلى اختلاف العرب فيما بينهم، بخصوص ما بقي من أرض فلسطين: فجامعة الدول العربية وخمسة من أعضائها (مصر، سورية، لبنان، اليمن، السعودية) أنشأت «حكومة عموم فلسطين» برئاسة أحمد حلمي، بينما لم تعترف الحكومتان الأردنية والعراقية بهذه الحكومة، وضمت الأولى الضفة الغربية إلى أراضيها، وقد سبّبت هذه الخطوة توتر العلاقات بين الأردنيين والفلسطينيين لمدة قاربت 20 عاماً.
6) أما بالنسبة للنتائج العسكرية فيمكن القول إن أداء الجيوش العربية في فلسطين، وخاصة قبل توقيع الهدنة سنة 1948 كان إلى حد ما مقبولاً، ولا يمكن قبول الفكرة القائلة بأن زمرة من العصابات قد تمكنت من قهر خمسة جيوش عربية نظامية عام 1948 فالجيوش العربية لم تدخل بكاملها في المعركة أو بالأحرى لم يُسمح لها بالدخول بكاملها في المعركة، ولم تدخل سوى قطعات محدودة منها، وذلك لأن السياسيين العرب الذين كانوا يمسكون بزمام الأمور في ذلك الوقت، اعتقدوا بان معركة فلسطين لن تكون أكثر من «مناوشة» وسينتهي الأمر بالقضاء على العصابات الصهيونية خلال أيام، وأثبت السياسيون العرب في ذلك أنهم كانوا يجهلون، أو يتجاهلون أن عدد أفراد العصابات الصهيونية هذه كان يزيد على 50000 مقاتل، وأن بعضهم قد اكتسب خبرة عسكرية متقدمة بانخراطه في الجيوش الأوروبية خلال الحرب العالمية الثانية، هذا في الوقت الذي لم يزد عدد أفراد الجيوش العربية النظامية الخمسة التي زُجّت في الحرب على 20000 مقاتل أغلبهم لم يسبق له أن خاض معركة أو تلقى التدريب المناسب لذلك.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى