مقال

نسائم الايمان ومع سيف الله المسلول ” الجزء الثامن

نسائم الايمان ومع سيف الله المسلول ” الجزء الثامن ”

إعداد / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء الثامن مع سيف الله المسلول، وقد توقفنا عندما توجه القائد خالد بن الوليد إليه بجيشه، فجعل دومة بينه وبين جند عياض، ونجح في افتضاض الحصن في معركة دومة الجندل، وقد انتهز أهل العراق فرصة غياب خالد، فثاروا على الحاميات الإسلامية، ووصل الخبر لخالد بن الوليد في دومة الجندل، فلم يطق البقاء وعاد واستطاع اخضاعهم مرة أخرى في معارك المصّيخ والثني والزميل، واصل خالد زحفه شمالا حتى بلغ الفراض، وهي موقع على تخوم العراق والشام، وأقام فيها شهرا لا يفصله عن الروم سوى مجرى الفرات، وأرسل قائد الروم لخالد يطالبه بالاستسلام، إلا أن خالد بن الوليد قال له أنه ينتظره في أرض المعركة، ثم بعث إليه الروم يخيرونه إما أن يعبر إليهم أو يعبروا إليه، فطالبهم بالعبور.

 

وقد استغل خالد عبور الروم إليه، وحاصرهم بجناحيه مستغلا وجود النهر خلفهم، وهزمهم هزيمة ساحقة، كانت معركة الفراض آخر معارك خالد بن الوليد في العراق، وقد أمر خالد بن الوليد جيشه بالعودة إلى الحيرة، وقرر أن يؤدي فريضة الحج في سرّية تامة دون حتى أن يستأذن الخليفة، وبعد أن أتم حجه علم الخليفة فلامه ونهاه عن تكرار فعله مرة أخرى، وبعد أن افتتح المسلمون دومة الجندل، أصبح الطريق ممهدا للتحرك لغزو الشام، وقد أرسل خالد بن سعيد قائد المسلمين على تخوم الشام إلى الخليفة أبي بكر الصديق يستأذنه في منازلة الروم، وبعد أن استشار الخليفة أبو بكر أهل الرأي، شجّعته انتصارات المسلمين في العراق على الإقدام على خطوة مشابهة في الشام، فأذن لخالد بن سعيد، ولم يحالف الحظ جيش خالد بن سعيد بعد أن نجح الروم في استدراجه.

 

وهزموا جيشه، وفر في كتيبة من جنده بعد مقتل ابنه، تاركا عكرمة يتقهقر بالجيش، ولم يُضعف ذلك من عزم الخليفة، أبو بكر الصديق، فوجّه أربعة جيوش دفعة واحدة إلى الشام، بقيادة أبي عبيدة الجراح ويزيد بن أبي سفيان وشرحبيل بن حسنة وعمرو بن العاص ووجه كل منهم لوجهة مختلفة، إلا أن الروم جيّشوا لهم في كل موضع جيوشا تفوقهم عددا، ووجد القادة أنهم إن قاتلوا منفردين فسيهزمون لا محالة، لذا أرسل أبو عبيدة إلى الخليفة أبي بكر يطلب المدد، وضاق أبو بكر بالموقف، فقرر أن يرسل إلى خالد بن الوليد يأمره أن يستخلف المثنى بن حارثة الشيباني في نصف الجند، ويسير بالنصف الآخر إلى الشام ليمدّ جيوش المسلمين، وضاق خالد بالأمر، إذ كان يرجو أن يظل بالعراق حتى يفتح المدائن، إلا أنه امتثل للأمر.

 

وكان أمام القائد خالد بن الوليد طريقان للوصول لقوات المسلمين في الشام، الأول عبر دومة الجندل، والثاني يمر بالرقة ولما كانت حاجة قوات المسلمين في الشام ملحّة لمدده، تجنب خالد بن الوليد طريق دومة الجندل لطوله، وقد استغرق أسابيع للوصول إلى الشام، وكما قرر أن يتجنب الطريق الآخر لأنه سيمر على الحاميات الرومانية في شمال الشام، واختيار خالد طريقا وعرا لكنه أقصر عبر بادية الشام، واتخذ خالد من “رافع بن عميرة الطائي” دليلا له حيث نصحهم بالاستكثار من الماء، لأنهم سيسيرون لخمس ليال دون أن يردوا بئرا، واستخدم خالد بطون الإبل لتخزين الماء لشرب الجياد، وبذلك نجح خالد بن الوليد في اجتياز بادية الشام في أقصر وقت ممكن ثم أخضع الغساسنة بعد أن قاتلهم في مرج راهط، ومنها انحدر إلى بصرى ففتحها.

 

وعندئذ جاءته الأنباء بأن جيشا روميّا قد احتشد في أجنادين، فأمر خالد بن الوليد جيشه بالتوجه إلى أجنادين، وراسل قادة الجيوش الأخرى بموافاته في أجنادين، ولما تم اجتماعهم هناك، جعل أبو عبيدة بن الجراح على المشاة في القلب، ومعاذ بن جبل على الميمنة، سعيد بن عامر بن جذيم القرشي على الميسرة، وسعيد بن زيد على الخيل، وبدأت المعركة بمهاجمة ميسرة الروم لميمنة المسلمين، ولكن معاذ بن جبل ورجاله صمدوا أمام الهجوم، ثم شنت ميمنة الروم هجوما على ميسرة المسلمين، فثبتوا كذلك، عند ذلك أمر قائد الروم برمي الأسهم، عندئذ بدأ هجوم المسلمين، واستبسلوا ففر الروم منهزمين، ثم بلغ خالدا أن الروم قد حشدوا جيشا آخر يشرف على مائتى وأربعون ألف جندي في اليرموك، فتوجهت جيوش المسلمين إليهم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى