مقال

نسائم الايمان ومع الإسلام فى زمن الإنترنت ” الجزء الثامن

نسائم الايمان ومع الإسلام فى زمن الإنترنت ” الجزء الثامن ”
إعداد / محمـــد الدكـــرورى

ونكمل الجزء الثامن مع الإسلام فى زمن الإنترنت، وإن من أكبر الأخطاء شيوعا التى يقع فيها الآباء في تربية أولادهم المراهقين، وهو خطأ المحاضرات والأوامر بدلا من لغة الحوار، حيث يأتي هذا التصرف من اعتقاد الأب أن ابنه طائش، غير عقلاني في تصرفاته، ومن أكثر الجمل شيوعا عندما يبدأ المراهق بالتحاور مع أبيه فيقول له لا تناقشني أنا والدك وأنا أدرى بمصلحتك منك، أو يقول له أنت ما زلت صغيرا، ولا تدري ماذا تفعل، فهذه جمل يقطع بها الوالد كل سبل التواصل الممكنة بينه وبين ابنه، ويحاول بها تسيير ابنه، والتحكم بأسلوب حياته، وهذا الأسلوب قد يمنع المراهق من أن يفكر حتى ببدء حوار مع أبيه، لأنه يعلم نتيجة ذلك الحوار مسبقا، وأنه سينتهي بأوامر ونصائح هو في غنى عنها، فنقول للآباء والأمهات.

إن كثرة الكلام لا تجدي ما دمنا لا نجعلها مع أشياء أخرى في التواصل مع أبنائنا، فنحن نعلم أن الكلام لا يشكل إلا نسبة سبعه فى المائة من لغة التواصل، فهناك ثلاثة وتسعون بالمائة لا تحصل بالكلام، من خلال رنة الصوت، ولغة الجسد، وهذا نراه جيدا في ما فعله الرسول صلى الله عليه وسلم مع ذلك الغلام الذي جاءه يقول يا رسول الله اذن لي بالزنا، فكيف كان تعامل الرسول صلى الله عليه وسلم معه؟ هل اكتفى بالكلام فقط وإلقاء الخطب على الغلام؟ كلا، لقد سلك مسلك التكامل في التواصل، فتكلم مع الغلام، واستعمل رنة الصوت الحانية، ولغة الجسد الموجهة، فقال صلى الله عليه وسلم له “أترضاه لأختك؟ أترضاه لأمك؟ ” زكذلك فإن من الخطأ هو التجاهل، وضعف المقدرة على التواصل، فيقول الأب ابني المراهق لا يكلمنى.

لا أستطيع التواصل معه، أتمنى أن أكسب ثقته ليفتح قلبه لي، وإنه من الغريب أن الآباء وعلى الرغم من إدراكهم لعمق الهوة بينهم وبين أبنائهم المراهقين، إلا أنهم لا يبذلون جهدا لمحاولة التواصل معهم، وتأتي الحجة بأنهم لا يستطيعون فهم أبنائهم المراهقين، وأبناؤهم كذلك لا يفهمونهم، وكذلك فإن من الخطأ هو التركيز دوما على سلبيات المراهق، وتجاهل إيجابياته وذلك يعود للمعتقدات السائدة المتعلقة بهذه الفترة العمرية، والتي تنظر للطفل وكأنه كتلة من الأفعال السلبية غير المقبولة أسريا واجتماعيا، وقد لا تأتي هذه الفكرة من خبرة سابقة للأب، ولكن قد تكون نقلا على ألسن بعض الآباء الذين كانت لهم تجربة سيئة مع أبنائهم المراهقين، وأيضا من الخطأ هو تقييم المشاكل على أساس التفوق الدراسي، وقد تقتصر فكرة الأب عن المشاكل.

التي قد يواجهها ابنه المراهق في مشاكل الدراسة والتحصيل العلمي، فالأب يرى أن ما يجب أن يشغل بال المراهق هو دراسته وتحصيله العلمي، وغير ذلك لا يعد مشكلة في نظره، وذلك فيه ظلم للمراهق وللتغيرات الكبيرة التي يمر بها وتؤثر على طريقة تفكيره ومشاعره وسلوكياته، وتؤسس لبناء شخصيته، وأيضا من الخطأ هو الاعتماد التام على الأم في التربية صعوبة التفاهم بين الأب والمراهق، وقلة التواصل بينهما تجعل الأب يوكل أمر تربية الابن أو الابنة في مرحلة المراهقة إلى الأم لظنه أن الأم أقدر على استيعاب التغيرات التي يمر بها المراهق، والتعامل معها، وهذا معتقد خاطئ، فشخصية الأب الديناميكية في هذه المرحلة تؤثر كثيرا على نضج ووعي المراهق وعلى الإشباع العاطفي والثقة بالنفس التي يحتاجها الأولاد والفتيات على حد سواء.

فاحذروا رحمكم الله من التفريط في تربية الأبناء، أو التخلي عن المسؤولية تجاههم، فهذا هو الغدر، وتلكم هي الخيانة، وذلكم هو الغش الموصل إلى النار، فقد أخرج البخارى ومسلم واللفظ للبخاري من حديث معقل بن يسار قال، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول” ما من عبد استرعاه الله رعية فلم يحطها بنصيحة إلا لم يجد رائحة الجنة” فارعوا أبناءكم، وأدوا أماناتكم، وانصحوا لأولادكم، فكل مسؤول عن رعيته، وقال صلى الله عليه وسلم ” وإن لولديك عليك حق” وإن مما يحزن له القلب ويتفتت له الفؤاد أن ترى كثيرا من الناس قد أهملوا تربية أولادهم، واستهانوا بها وأضاعوها، فلا حفظوا أولادهم ولا ربوهم على البر والتقوى، بل وللأسف الشديد إن كثيرا من الآباء أصلح الله أحوالهم يكونون سببا لشقاء أولادهم وفسادهم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى