مقال

منصب وزير بأربعة عشر مليار سنتيم

منصب وزير بأربعة عشر مليار سنتيم

………………

    رشيد (فوزي) مصباح

……………..

مداوروش:

السبت 26 يونيو 2021 م

الموافق لـ١٦ ذو القعدة ١٤٤٢ هـ.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــ

هناك أكثر من طريقة ووسيلة للحصول على المال، خاصّة في عصرنا هذا، عصر الفتنة والمغريات.

يشتكي أصحاب الضمائر الحيّة في أيّامنا هذه من صعوبة الحصول على المال عن طريق الحلال والوسائل المشروعة، فالطّريق إلى الحلال بالوسائل المشروعة يتطلّب حكمة لقمان وصبر أيّوب، مقارنة بالمال الفاسد الذي يستطيع كل واحد الوصول إليه دون جهد أو عناء، إلاّ من أبى. ثم يقوم بغسله وتبييضه و التخلصُ من كميّة كبيرة منه بأساليب مختلفة؛ بإيداعها في المصارف و البنوك والمؤسّسات المالية و تحويل النّقود إلى عملات أجنبيّة، أو بشراء العقارات والسيّارات واليخوت الفخمة وبيعها، أو بإقامة و تشجيع الأنشطة والأعمال الخيرية؛ ومن بين هؤلاء من يقوم ببناء المستشفيات والمساجد… لكن الناس من حولهم يعرفون تاريخهم جيّدا، فلا يمكن لهؤلاء الفاسدين الاستخفاف بعقول النّاس و الضحك على ذقونهم.

وقديما قال الشاعر (زهير بن أبي سلم) : [ وَمَهما تَكُن عِندَ اِمرِئٍ مِن خَليقَةٍ ** وَإِن خالَها تَخفى عَلى الناسِ تُعلَمِ ]

يروي لي أحد المعارف، من المحترمين الذين يكسبون قوت يومهم من عرق جبينهم، قصّة أحد نوّاب البرلمان من أبناء بلدته، يعرفه جيّدا، ويعرف أباه الذي كما قال:” ليس منذ عهد بعيد كان مجرّد عامل بسيط بإحدى الشركات الوطنية ثم فجأة أضحى مليارديرا كبيرا، وحين صعد ابنه إلى البرلمان اقترح عليه أحد أقرباء الرئيس السابق (عبد العزيز بوتفليقة) منصب وزير مقابل مبلغ من المال يقدّر بأربعة عشر مليار سنتيم، لكن كما قال-متهكّما-: “تجري الريّاح بما لا تشتهي السفن، وتشاء الأقدار أن تعصف بالرّئيس ومن معه وحوله من الفاسدين ويذهب المال الذي جمعه له والده الثّريّ أدراج الريّاح، وكان لذلك وقع على النّائب الذي تعرّض لسكتة دماغية كادت أن تتسبّب في موته نُقل على أثرها إلى المستشفى”. وفي ذلك موعظة لنا جميعا، ولمن أراد أن يتّعظ.

ليس المال كل شيء في الحياة، فهناك أشياء لا تستطيع شراءها بالمال؛ الضّمير، المروءة والشّرف. لكن في زمننا هذا، زمن الفتنة والجشع، المال هو غاية الغايات لدى كل العباد تقريبا، وحتّى النّخب؛ النّاخب والمنتخب، والجاهل والمثقّف، والسيّاسي الكبير والموظّف البسيط…، بسبب التنافس على حُظُوات الدّنيا وحطامها، وتحت تأثير الأولاد والنّساء المغريات اللاّئي يقدّسن المال أكثر من أيّ شيء، ويضعون أصحابه فوق كل شيء.

……………………………………………..

ليس شرطاً أن يكون الرزق مالا

قد يكون الرزق خلقاَ أو جمالا

قد يكون الرزق زوجاً صالحاً

أو قراباتٍ كراماً وعيالا

قد يكون الرزق علماً نافعاً

قد يكون الرزق أعماراً طوالا

قد يكون الرزق بالاً هادئاً

إنما المرزوق من يهدأ بالا

قد يكون الرزق عرضاً سالماً

ومبيتاً آمن السرب حلالا

ليس شرطاً أن يكون الرزق مالا

كن قنوعاً واحمد الله تعالى.

(الشاعر د.محمد الدوغان)

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى