مقال

نسائم الايمان ومع أول الخلفاء الراشدين ” الجزء الثالث والثلاثون “

نسائم الايمان ومع أول الخلفاء الراشدين ” الجزء الثالث والثلاثون ”

إعداد / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء الثالث والثلاثون مع أول الخلفاء الراشدين، وقد توقفنا عندما أمر الخليفة أبو بكر الصديق قائدة خالد بن سعيد بالإقدام والزحف على الروم قبل تنظيم صفوفهم، ونصحه أن يحافظ على خط رجعته وألا يتوغل كثيرا في بلاد العدو، فتقدم خالد بن سعيد، حتى بلغ القسطل في طريق البحر الميت، فهزم جيشا من الروم على الشاطئ الشرقي للبحر، ثم تابع مسيرته، فجمع الروم قوات تزيد على ما جمعوا في تيماء، فكتب خالد بن سعيد إلى الخليفة يستمده ليتابع تقدمه، فبعث إليه عكرمة بن أبي جهل بجيش البدال والوليد بن عقبة بجموع أخرى، فلما وصلت هذه القوات إلى خالد بن سعيد أمر بالهجوم على الروم، وأخذ طريقه إلى مرج الصفر وهى شرقي بحيرة طبرية، وانحدر القائد الرومي ماهان بجيشه.

 

يستدرج جيوش المسلمين التي وصلت إلى مرج الصفر، فأوقعوا بالمسلمين الهزيمة، وصادف ماهان سعيد بن خالد بن سعيد في كتيبة من العسكر فقتلهم وقتل سعيد بن خالد في مقدمتهم، وبلغ خالد مقتل ابنه ورأى نفسه قد أحيط بالروم، فخرج هاربا في كتيبة من أصحابه على ظهور الخيل، ونجح عكرمة في سحب بقية الجيش إلى حدود الشام، وعند ذلك، أمر أبو بكر الصديق رضى الله عنه، المسلمين بالنفير إلى الجهاد، وأمر بلال بن رباح فنادى في الناس، أن انفروا إلى جهاد عدوكم الروم بالشام، وكتب إلى أهل اليمن يدعوهم إلى الجهاد، فانساح أهل اليمن من جميع أرجائها بأعداد هائلة، كلهم خرجوا طواعية غير مكرهين، وبعد أن دعا أبو بكر الصديق رضى الله عنه الناس إلى الجهاد، عقد الألوية لأربعة جيوش.

 

أرسلها لفتح الشام، وأمر كل أمير أن يسلك طريقا غير طريق الآخر، وهذه الجيوش هي جيش يزيد بن أبي سفيان، وهو أول الجيوش التي تقدمت إلى بلاد الشام، وكانت مهمته الوصول إلى دمشق وفتحها ومساعدة الجيوش الأربعة عند الضرورة، وكان جيش يزيد أول الأمر ثلاثة آلاف، ثم عززه الخليفة بالإمدادات حتى صار معه بحدود سبعة آلاف رجل، وجيش شرحبيل بن حسنة، وقد حدد أبو بكر الصديق رضى الله عنه، لمسير شرحبيل بن حسنة ثلاثة أيام بعد مسير يزيد بن أبي سفيان، وكان جيش شرحبيل ما بين ثلاثة آلاف إلى أربعة آلاف، وأمره أن يسير إلى تبوك والبلقاء ثم بصرى، وهي آخر مرحلة، فتقدم شرحبيل نحو البلقاء حيث لم يلق مقاومة تذكر، وكان يسير على الجناح الأيسر لجيش أبي عبيدة بن الجراح.

 

والجناح الأيمن لجيش عمرو بن العاص في فلسطين، فأوغل في البلقاء حتى بلغ بصرى، فأخذ يحاصرها، فلم يوفق في فتحها لأنها كانت من المراكز الحصينة، وجيش أبي عبيدة بن الجراح، وكان يتراوح ما بين ثلاثة آلاف إلى أربعة آلاف مجاهد، وكان هدف ذلك الجيش هو حمص، وسار أبو عبيدة من المدينة مارا بوادي القرى إلى الجابية، وكان هذا الجيش الجناح الأيسر لجيش يزيد بن أبى سفيان، والجناح الأيمن لجيش شرحبيل بن حسنة، وكان في صحبة أبي عبيدة بن الجراح فارس من فرسان العرب المشهورين هو قيس بن هبيرة بن مسعود المرادي، فأوصى به أبو بكر الصديق، أبا عبيدة قبل سفره، وجيش عمرو بن العاص، وقد وجهه أبو بكر الصديق رضى الله عنه، إلى فلسطين.

 

وكان تعداده يتراوح من ستة آلاف إلى سبعة آلاف مجاهد، فسلكت طريقا لساحل البحر الأحمر حتى وادي عربة في البحر الميت، ونظم عمرو بن العاص قوة استطلاع مؤلفة من ألف مجاهد يقودها عبد الله بن عمر بن الخطاب، ودفعها باتجاه محور تقدم الروم، فاصطدمت هذه القوة بقوة للروم، ولكنها انتصرت عليهم، وعادت ببعض الأسرى فاستنطقهم عمرو بن العاص، وعلم منهم أن جيش العدو بقيادة رويس، يحاول مباغتة المسلمين بالقيام بالهجوم، فنظم عمرو بن العاص قواته، وشن الروم هجومهم، واستطاع المسلمون صده ونجحوا في رد قوات الروم، وبعد ذلك شنوا هجومهم المضاد ودمروا قوة العدو وأرغموهم على الفرار وترك ميدان المعركة، وتابع الفرسان المطاردة، وانتهت بسقوط ألوف القتلى من الروم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى