مقال

حديث الصباح

حديث الصباح

اشرف عمر 

المنصورة

آفَاتُ اللِّسَانِ – الدعاء على النفس والأولاد

 

قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله ُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ :

 

لا تدعُوا على أنفُسِكُمْ ، ولا تدعُوا على أولادِكم ، ولا تدعوا على خدمِكم ، ولا تدعوا على أموالِكم ، لا تُوَافِقوا من اللهِ ساعةً يُسألُ فيها عطاءٌ فيُستجابُ لكم

 

رَوَاهُ مسلم.

 

شرح الحديث:

في هَذا الحديثِ يَقولُ جابرُ بنُ عَبدِ اللهِ رَضي اللهُ عنه: سِرنا مَع رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في غَزوةِ بَطنِ بُواطٍ، وهُو جَبلٌ مِن جِبالِ جُهينَةَ وَهو يَطلُبُ الَمجديَّ بنَ عَمرٍو الجُهَنِيَّ، وكان (النَّاضحُ) وَهو البَعيرُ الَّذي يُستَقى عَليه، يَعقُبُه مِنَّا الخَمْسةُ والسِّتَّةُ والسَّبعةُ، أي: نَتناوبُ عَلى رُكوبِه، كُلٌّ منَّا نَوبةً، فدارتْ عَقبةُ رَجُلٍ منَ الأَنصارِ عَلى ناضحٍ لَه، فأَناخَه فرَكِبَه، ثُمَّ بَعثَه (فتَلدَّن عليه بَعضَ التَّلدُّن)، أي: تَلَكَّأ ولم يَنبعثْ، فَقال لَه: شَأْ، زَجرًا لَه: لَعنَك اللهُ، فسَمِعَه النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فَقال: (مَن هَذا اللاعنُ بَعيرَه؟) فَقال الرَّجلُ: أَنا يا رَسولَ اللهِ! فأَمَرَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنْ يَنزِلَ مِن على بَعيرِه، وَقال لَه: (فَلا تَصحَبْنا بِملعونٍ)، فأَمَرَه النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بتَرْكِه البَعيرَ وَعَدمِ رُكوبِه في ذَلك الجيشِ، ثُمَّ قال: لا تَدْعوا على أَنفُسِكم، وَلا تَدْعوا عَلى أَولادِكم، وَلا تَدْعوا عَلى أَموالِكم، أي: مِن العَبيدِ والإِماءِ، بشَيءٍ منَ الضَّررِ أوِ الهلاكِ، وسَببُ ذلك، لا تُوافِقوا منَ اللهِ ساعةً يُسألُ فيها عَطاءً، فيَستجيبَ لَكم، أي: لئلَّا تُصادِفوا ساعةَ إِجابةٍ ونيلٍ فتُستجابُ دَعوتُكمُ السُّوءُ.

 

إن حديث اليوم في توجيه نبوي عظيم ، وهناك كثير من الأخبار والأحداث التي تروى مؤكدة صدق ذلك التحذير، منها ما يلي:

١- تحدَّث الشيخ محمد مطيع الحافظ الدمشقي عن امرأةٍ قريبةٍ له كان أولادُها غير بارِّين وكانتْ تدعو عليهم، ومن ذلك ألا يهنأوا بمالها مِنْ بعدِها، وحين ماتتْ وقُسمتْ تركتُها مات ابنُها الكبيرُ بعدها بعشرين يوما تقريبًا، وماتتْ ابنتُها بعده بمدةٍ يسيرةٍ، وأما ابنُها الثاني فأخذ حصتَه واشترى بيتًا في ريف المدينة، وكان مقيمًا خارج الدولة فجاء ونزل فيه صيفًا واحدًا، ثم حالت الأحداثُ دونه ولحقه الدمار!

 

٢- كان الشيخ محمد سعيد البرهاني – رحمه الله – كثير التحذير للآباء والأمهات من الدعاء على أولادهم مهما استبدَّ بهم الغضبُ والانفعالُ خشية أن تكون الساعة ساعة استجابة فتصيب الدعوة المدعو عليه، وكان يحض كثيرًا على استبدال الدعاء عليهم بالدعاء لهم، ويقول: نفِّسوا غضبكم بقولكم للولد: الله يصلحك، الله يهديك، الله يرضى عليك.

 

صبحكم الله بكل خير وصحة وسعادة وبركة في العمر والرزق وطاعة وحسن عبادة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى