مقال

نفحات إيمانية ومع ترجمان القرآن “الجزء الرابع “

نفحات إيمانية ومع ترجمان القرآن “الجزء الرابع ”
إعداد / محمـــد الدكــــرورى

ونكمل الجزء الرابع مع ترجمان القرآن، ودعا له صلى الله عليه وسلم بعلم القرآن والحكمة أيضا فقال “اللهم علمه الكتاب، اللهم علمه الحكمة” وقال ابن حجر العسقلاني مُعلقا “اختلف الشرَّاح في المراد بالحكمة هنا فقيل القرآن كما تقدم، وقيل العمل به، وقيل السنة، وقيل الإصابة في القول، وقيل الخشية، وقيل الفهم عن الله تعالى، وقيل العقل، وقيل ما يشهد العقل بصحته، وقيل نور يفرق به بين الإلهام والوسواس، وقيل سرعة الجواب مع الإصابة، والأقرب أن المراد بها في حديث ابن عباس هو الفهم في القرآن ولقد ولد بن عباس في مكة المكرمه في شعب أبي طالب، وكان ذلك قبل الهجرة النبوية بثلاث سنوات، وشعب أبي طالب أو شِعب بني هاشم.

وهو المكان الذي قوطعت وحوصرت فيه بنو هاشم لمدة ثلاثة سنوات ابتداء من السنة السابعة من النبوة بسبب قرار اتخذه سادة قريش بداية ظهور الإسلام وذلك للضغط على رسول الله الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، ولثنيه عن الدعوة للإسلام فتعاهدو على ألا يتعاملوا معهم بأي شكل من المعاملات كالبيع والشراء والزواج، وقد علقوا صحيفة بهذا المضمون في الكعبة، وهو الشعب الذي ولد فيه النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، في الدار التي تعرف باسم دار ابن يوسف، ولما أجمعت قريش على قتل النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، جمع أبو طالب بن عبد المطلب بني هاشم وأخبرهم بمكيدة قريش، فقرروا أن ينحازوا بالنبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم.

في شعب بمكة يقال له شعب أبي طالب، وقد انحاز معهم حمية بنو عبد المطلب بن عبد مناف، وقد اجتمع رؤساء قريش في خيف بني كنانة ويسمى اليوم بالمعابدة، وأجمعوا على مقاطعة بني هاشم وبني المطلب اقتصاديا واجتماعيا، وكتبوا في ذلك كتابا فيه، أن لا يناكحوهم ولا يتزوجون منهم، وأن لا يبايعوهم، ولا يبيعون لهم ولا يشترون منهم، وأن لا يجالسوهم، ولا يخالطوهم، ولا يدخلوا بيوتهم، ولا يكلموهم، وأن لا يقبلوا من بني هاشم وبني عبد المطلب صلحا أبدا، ولا تأخذهم بهم رأفة حتى يُسلموا الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، لهم للقتل، وعلقت الصحيفة في جوف الكعبة، وقد كان الذي كتب الصحيفة هو منصور بن عكرمة العبدري.

فدعا عليه النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، فشلت أصابعه، وقد سارع المشركون في تطبيق الحصار، فضييق على بني هاشم حصارا اقتصاديا استمر الحصار أياما وأشهرا، ويقول سعد بن أبي وقاص “خرجت ذات يوم ونحن في الشعب لأقضي حاجتي فسمعت قعقعة تحت البول، فإذا هي قطعة من جلد بعير يابسة، فأخذتها فغسلتها، ثم أحرقتها ثم رضضتها، وسففتها بالماء فتقويت بها ثلاث ليال “وكان مما كان في الحصار أن بعض المشركين كان يتعاطف مع أرحامه المحصورين هناك، فكانوا يرسلون إليهم بعض الطعام ليلا، ومنهم هشام بن عمرو العامري الذي كان يحمل البعير بالطعام والثياب، ويأخذ بخطام البعير حتى يقف على رأس الشعب.

ثم يخلع خطام البعير ويطلقه في الشعب، وكان حكيم بن حزام يرسل الطعام لعمته خديجة بنت خويلد سرا، وأما عن ابن عباس رضي الله عنهما، فقد قال “دعا لي رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يُؤتيني الله الحكمة مرتين ” فكان يُسمّى الحبر والبحر لكثرة علمه، وحدّة فهمه، وعن أبي صالح، قال ” لقد رأيت من ابن عباس مجلسا لو أن جميع قريش فخرت به لكان لها فخرا، لقد رأيت الناس اجتمعوا حتى ضاق بهم الطريق، فما كان أحد يقدر على أن يجيء ولا يذهب” وعن الشعبي رحمه الله قال قيل لابن عباس رضي الله عنه أنى أصبت هذا العلم؟ قال ” بلسان سئول، وقلب عقول ” وثبت عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه كان يُجلس ابن عباس مع مشايخ الصحابة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى