مقال

نسائم الايمان ومع الغاية من العبادة ” الجزء الثامن “

نسائم الايمان ومع الغاية من العبادة ” الجزء الثامن ”

إعداد/ محمـــد الدكـــرورى

ونكمل الجزء الثامن مع الغاية من العبادة، ومن أسباب السعادة والفلاح هو الإنفاق في سبيل الله تعالى وخصوصا في هذا الزمن الذي جراح المسلمين تنزف دما في كل مكان، وهذا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه يقول واصفا الدنيا “أولها عناء، وآخرها فناء، حلالها حساب، وحرامها عقاب، من صح فيها أمن، ومن مرض فيها ندم، ومن سابقها فاتته، ومن قعد عنها أتته، ومن نظر إليها أعمته، ومن اعتبر بها بصّرته” وإن الإيمان بالله والعمل الصالح يحقق لصاحبه الفوز الأبدي، والفلاح السرمدي، يقول العلامة ابن القيم رحمه الله “لا سبيل إلى السعادة والفلاح لا في الدنيا ولا في الآخرة إلا على أيدي الرسل، ولا سبيل لمعرفة الطيب والخبيث على التفضيل إلا من جهتهم.

ولا ينال رضا الله ألبتة إلا على أيديهم، فالطيب من الأعمال والأقوال والأخلاق ليس إلا هديهم الذي جاؤوا به” وللأسف أن هناك فئام من الناس يمسي ويصبح على تقصير في نفسه وأولاده وأهل بيته، سوء يتلوه سوء، فإن الإسلام عقيدة عز واستعلاء، تبعث في روح المؤمن إحساس العزة بغير كبر، وروح الثقة بغير اغترار، وشعور الاطمئنان بغير تواكل، ولكن يا ترى من هو السعيد في هذا الزمن الذي كثرت فيه الفتن؟ فإن السعيد هو ذلكم الشخص الذي امتلأ قلبه بالله تعالى حبا وعبادة وصبرا وشوقا، والسعيد هو الذي إذا أمسى أو أصبح فليس في قلبه إلا الله، والسعيد هو الذي أسعده الله في نفسه، واطمأن قلبه بذكر الله، ولهج لسانه بالثناء على الله.

فالسعيد هو الذي أقر الله عينه بالطاعات، وسرّه بالباقيات الصالحات، والسعيد هو الذي أسعده الله في أهله وماله وولده، وحمد الله سبحانه على القليل والكثير، والسعيد هو الذي أسعده الله تعالى بين الناس، فعاش طيب الذكر، حسن السمعة، لا يذكر إلا بخير، ولا يعرف عنه إلا الخير والطاعة، وذكر الله، والإحسان إلى الناس، وكف الأذى عنهم، والسعيد هو الذي إذا وقف على آخر أعتاب هذه الدنيا وقف بقلب ثابت، ولسان ذاكر، قد رضي الله عنه فأرضاه الله تعالى، والسعيد هو الذي إذا دنت ساعته، وحانت قيامته، تنزلت عليه الملائكة تبشره يروح وريحان، ورحمة وغفران، وأن الله راضٍ عنك غير غضبان، والسعيد هو الذي ختم له بخاتمة السعداء، فكان آخر ما نطق به من الدنيا.

“لا إله إلا الله” والسعيد هو الذي أسعده الله في قبره، وقرّ عينه في لحده فثبّت الله له الجنان، وسدد له اللسان، ففرش له من الجنان، وقال يا رب أقم الساعة، شوقا إلى رحمة الله، وحنينا إلى عظيم فضل الله، والسعيد هو الذي عندما يبعث من قبره، ويخرج إلى حشره ونشره، خرج مع السعداء تتلقاهم فيقول تعالى فى سورة الأنبياء “تتلقاهم الملائكة هذا يومكم الذى كنتم توعدون” والسعيد هو الذي إذا دنت الشمس من الخلائق، وذلّ كل عزيز، وأخرس كل ناطق، واشتد لهيبها، وعظم حرّها، وإذا هو في ظل الله يوم لا ظل إلا ظله، والسعيد هو الذي ينتهي مآله، ويكون قراره إلى الجنة دار السلام، ومنزل الأتقياء الأنقياء الأخفياء، وهذه السعادة التي يطلبها ويتمناها كل عبد صالح.

فكم من غني ثري أبكاه ماله وأشقاه حلاله فطال بكاءه؟ كم من فقير الحال قليل المال لكن الله أغناه غنى الإيمان فإذا قلت له كيف الحال؟ قال الحمد لله في نعمة من الله وفضل؟ كم من مريض أقعده المرض على فراشه ومع ذلك يقول الحمد لله لأن الله ملأ قلبه بالرضا والصبر والإيمان؟ وكم من ابن بار فتح الله أبواب السماء لدعوة والديه، فيقول الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم “من أرضى والدية فقد أرضى الله، ومن أسخط والدية، فقد أسخط الله” فإن الحياة الطيبة والسعادة، والعيشة الهنية الرضية مطلب مهم، ومقصد أسمى، يسعى إلى تحقيقه البشر، وتشرئب إلى سماعه النفوس، وتطمح إلى تحقيقه وبلوغه الأفئدة، وإن السعادة هدف سامي ينشده كل الناس، ويبحثون عنه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى