مقال

نسائم الايمان ومع الغاية من العبادة ” الجزء السادس “

نسائم الايمان ومع الغاية من العبادة ” الجزء السادس ”

إعداد/ محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء السادس مع الغاية من العبادة، وإن من الأسباب التي تتحقق بها السعادة هوالاشتغال بعمل من الأعمال،أو علم من العلوم النافعة، مما تأنس به النفس وتشتاقه، فإن ذلك يلهي القلب عن اشتغاله بالقلق الناشئ عن توتر الأعصاب، وربما نسي بسبب ذلك الأسباب التي أوجبت له الهم والغم، ففرحت نفسه وازداد نشاطه، ومن الأسباب التي تتحقق بها السعادة هو اجتماع الفكر كله على الاهتمام بعمل اليوم الحاضر، وترك الخوف من المستقبل،أو الحزن على الماضي، فيصلح يومه ووقته الحاضر، ويجد ويجتهد في ذلك، ومن الأسباب التي تتحقق بها السعادة هو أن ينظر الإنسان إلى من هو أسفل منه، ولا ينظر إلى من هو أعلى منه، في الرزق والصحة وغيرها.

 

فبهذه النظرة يرى أنه يفوق كثيرا من الخلق في العافية وتوابعها، وفي الرزق وتوابعه، فيزول قلقه وهمه وغمه، ويزداد سروره واغتباطه بنعم الله عز وجل، ومن الأسباب التي تتحقق بها السعادة هو السعي في إزالة الأسباب الجالبة للهموم، وفي تحصيل الأسباب الجالبة للسرور، وذلك بنسيان ما مضى عليه من المكاره التي لا يمكنه ردها، ومعرفته أن اشتغال فكره فيها من باب العبث والمحال، فيجاهد قلبه عن التفكير فيها، ومن الأسباب التي تتحقق بها السعادة هى تقوية القلب وعدم التفاته للأوهام والخيالات التي تجلبها الأفكار السيئة لأن الإنسان متى استسلم للخيالات وانفعل قلبه للمؤثرات من الخوف والأمراض وغيرها، أوقعه ذلك في الهموم والغموم والأمراض القلبية.

 

والبدنية والانهيار العصبي، ومن الأسباب التي تتحقق بها السعادة هو الاعتماد والتوكل على الله والوثوق به والطمع في فضله، فإن ذلك يدفع الهموم والغموم، ويحصل للقلب من القوة والانشراح والسرور الشيء الكثير، فأساس السعادة ومرتكزها هو الإيمان بالله تبارك وتعالى والإيمان به عز جل ربّا وخالقا ورازقا، متصرفا ومدبرا، معطيا ومانعا، وخافضا ورافعا، قابضا وباسطا، ومن الأسباب التي تتحقق بها السعادة أنه إذا أصابه مكروه أو خاف منه فليقارن بينه وبين بقية النعم الحاصلة له دينية أو دنيوية، فإنه سيظهر له كثرة ما هو فيه من النعم وتستريح نفسه وتطمئن لذلك، ومن الأسباب التي تتحقق بها السعادة هو الرضا بالقضاء والقدر وذلك لما يورثه من طمأنينة وراحة بال.

 

حيث يوقن الإنسان بأن ما أصابه لم يكن ليخطئه، وأن ما أخطأه لم يكن ليصيبه، وهذا الرضا هو أعظم علاج يمكن أن يعالج الإنسان به نفسه ليحصلَ على السعادة لأنه يمثّل القاسم المشترك بين السعداء، حيث يرضون بما هم فيه، ويستمتعون به كما هو، دون تفكير في غيره، ومن الأسباب التي تتحقق بها السعادة هو الاستغفار وذلك أن كثرة الاستغفار تحط الخطايا ، التي هي أكبر أسباب الشقاء وضيق الصدر، وإن السعيد هو الذي امتلأ قلبه بالله عز وجل وهو الذي أمس وأصبح ليس في قلبه غير الله جل جلاله، وهو الذي أسعده الله في نفسه، فاطمأن قلبه، والسعيد هو من يذكر الله، ويلهج لسانه بالثناء علي ربه، والسعيد هو الذي أقرّ الله عينه بالطاعات وسره بالباقيات الصالحات.

 

وإن السعيد هو الذي أسعده الله في أهله وماله وولده فرأي ما تقر به عينه، والسعيد هو من حمد الله سُبحانه وتعالي علي القليل والكثير، والسعيد هو الذي أسعده الله بين الناس فعاش طيب الذكر حسن السُمعة,لا يُذكر إلا بالخير، ولا يُعرف عنه إلا الخير، والسعيد هو الذي إذا وقف علي آخر أعتاب هذه الدنيا وقف بقلب ثابت ولسان ذاكر قد رضي عن الله فأرضاه الله، والسعيد هو الذي إذا دنت ساعته، وحانت قيامته،تنزلت عليه ملائكة ربه، تبشره بالروح والريحان والرحمة والغفران وأن الله راضى عنه غير غضبان فخُتم له بخاتمة السعداء فكان آخر ما نطق به من الدنيا لا إله إلا الله، والسعيد هو الذي أسعده الله في قبره، وأقر عينه في لحده، حتي إذا أدخل في ذلك القبر, وأنزل في ذلك اللحد.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى