مقال

فريضة الحج وبناء الكعبة المشرفة ” الجزء الرابع”

فريضة الحج وبناء الكعبة المشرفة ” الجزء الرابع”

إعداد / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء الرابع مع فريضة الحج وبناء الكعبة المشرفة، وتفيد الروايات التاريخية أن الكعبة بنيت إثنى عشر مرة عبر التاريخ، وكان أول من بنى الكعبة هم الملائكة وآدم وشيث بن آدم ونبى الله إبراهيم وإسماعيل والعمالقة وجرهم وقصي بن كلاب وقريش وعبد الله بن الزبير عام خمسة وستين من الهجرة، والحجاج بن يوسف عام أبعة وسبعين من الهجرة، والسلطان مراد الرابع عام ألف وأربعين من الهجرة، ويبدأ تاريخ المسجد الحرام بتاريخ بناء الكعبة المشرفة، وقد بناها أول مرة الملائكة قبل آدم،، لكنها هدمت بفعل طوفان نبي الله نوح عليه السلام، وبعد الطوفان قام نبي الله إبراهيم مع ابنه إسماعيل عليهما السلام بإعادة بناء الكعبة، بعد أن أوحى الله إلى إبراهيم بمكان البيت.

 

فأمر الله سبحانه وتعالى الخليل إبراهيم ببناء البيت الحرام وذكر القرآن الكريم بناء الخليل إبراهيم وابنه إسماعيل عليهما السلام للكعبة وتطهير المساحة المحيطة به، ولقد جاءه أي الخليل إبراهيم جبريل بالحجر الأسود، ولم يكن في بادئ الأمر أسود بل كان أبيضا يتلألأ من شدة البياض، وذلك لقول الرسول صلى الله عليه وسلم “الحجر الأسود من الجنة وكان أشد بياضا من الثلج حتى سودته خطايا أهل الشرك” وقد بقيت الكعبة على حالها إلى أن أعيد بناؤها على يد قريش في الجاهلية، وذلك بعد عام الفيل بحوالي ثلاثين عاما، إذ حدث حريق كبير بالكعبة، نتج عن محاولة امرأة من قريش تبخير الكعبة فاشتعلت النار وضعف البناء، ثم جاء سيل حطم أجزاء الكعبة، فأعادت قريش بناءها.

 

واتفقوا أن لا يُدخلوا في بنائها إلا مالا طيبا فقصرت بهم النفقة فأخرجوا من جهة الحجر ثلاثة أمتار، ومن مميزات بنائهم أنهم رفعوا الباب من مستوى المطاف ليدخل الكعبة من أرادوه وسدوا الباب الخلفي المقابل لهذا الباب وسقفوا الكعبة وجعلوا لها ميزابا يسكب مياه الأمطار في الحطيم، ورفعوا بناء الكعبة إلى حوالى ثمانى أمتار ونصف متر بعد أن كان حوالى أربعة أمتار ونصف متر، وقد حضره النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وكان يبلغ من العمر حينها حمسة وثلاثين سنة وشارك بنفسه الشريفة أعمامه في العمل، ولما أرادت قريش في هذا البناء أن ترفع الحجر الأسود لتضعه في مكانه اختصمت بطون قريش فيما بينها، حتى كادت تقع بينهم الحرب.

 

ثم اصطلحوا على أن يحكم بينهم أول رجل يخرج عليهم من هذه السكة، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم أول من خرج فقضى بينهم أن يجعلوا الحجر الأسود في مرط أي كساء ثم يرفعه زعماء القبائل فرفعوه ثم ارتقى صلى الله عليه وسلم فوضعه بيده الشريفة مكانه، فحل بذلك المشكلة التي كادت تسبب حروبا بين قبائل قريش، ويجب أن نشير أيضا أن قصي بن كلاب وهو أحد أجداد الرسول محمد صلى الله عليه وسلم أول من سقف الكعبة، حيث قام بسقفها بخشب الدوم وجريد النخيل، وذلك قبل بناء قريش للكعبة بزمن طويل، وفي عهد عبد الله بن الزبير أعيد بناء الكعبة بعدما أصابها من الحريق الذي شب في الكعبة بعدما رميت بالمنجنيق، أثناء حصار يزيد بن معاوية لمكة.

 

في نزاعه مع عبد الله بن الزبير، وسبب الحصار هو أن عبد الله بن الزبير رفض مبايعة يزيد بن معاوية وثار الزبيريون معه في المدينة فأرسل يزيد جيشا إلى المدينة بقيادة مسلم بن عقبة، ودخلها ثم اتجه إلى مكة ولكنه توفي قبل أن يصل إليها، فخلفه في قيادة الجيش الحصين بن النمير الذي حاصر مكة لفترة، وبالفعل استطاع الحصين أن يسيطر على جبل أبي قبيس وجبل قعيقعان، ثم أخذ يرمي الزبير وأتباعه الذين كانوا متحصنين داخل المسجد بالمنجنيق فأصيب المسجد، ولم يكتف الحصين بذلك بل رمى المسجد بالنار فاحترقت الكعبة، وضعف بنائها، ولكن الحصين عاد إلى الشام بعد أن توفي يزيد، وبعد مبايعة عبد الله بن الزبير خليفة على المسلمين سنة أربعة وستين من الهجرة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى