غير مصنف

نفحات إيمانية ومع خطورة السرقة على المجتمع “الجزء الأول”

نفحات إيمانية ومع خطورة السرقة على المجتمع “الجزء الأول”

إعداد / محمـــد الدكـــرورى

 

وإن المال هو قوام الحياة الإنسانية، وضرورة من ضرورياتها، فقال تعالى “ولا تؤتوا السفهاء أموالكم التى جعل الله لكم قياما” وهو نوع من أنواع الزينة في هذه الحياة الدنيا، كما قال تعالى “المال والبنون زينة الحياة الدنيا” وهو من أهم الأساليب التي من خلالها نعمر الأرض في شتى المجالات، فللمال أهمية في تسيير أمور الحياة، والنهوض بالأفراد والأمم لتحقيق وسائل العيش الكريم، وقد جاءت نصوص الشرع الشريف تأمرنا بالمحافظة على هذا المال، فنهى عن أكل الحرام بكل صوره وأشكاله نهيا قاطعا لا لبس فيه، وقد كان بعض الصالحين يتركون بعض الحلال مخافة أن تكون فيه شبهة حرام، حيث يقول نبينا الكريم صلى الله عليه وسلم.

 

“إن الحلال بيّن وإن الحرام بين وبينهما أمور مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس، فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه، ومن وقع في الشبهات وقـع في الحرام، كالراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يقع فيه، ألا وإن لكل ملك حمى، ألا وإن حمى الله محارمه، ألا وإن في الجسد مضغة، إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب” ويقول صلى الله عليه وسلم “كل لحم نبت من سحت فالنار أولى به” وإذا كان المال الخاص المملوك للإنسان، يبذل الإنسان لأجله ما في وسعه وطاقاته وإمكاناته بما يمكنه من المحافظة عليه، فإن الناس كل الناس مكلفون أيضا بالمحافظة على المال العام ذلك لأن نفعه غير مختزل أو منحصر على فرد أو جماعة.

 

بل يعود نفعه على الناس كل، ‏ومن ثم فالمال العام محمي بموجب الشرع مثل حماية المال الخاص بل إن المال العام قد يكون أشد حرمة لكثرة الحقوق المتعلقة به، وتعدد الذمم المالكة له، ولذلك حذر الإسلام من سرقته أو الإضرار به، ويدخل في المال العام أيضا حق الطريق من حيث المحافظة على آدابه، واحترام القوانين وقواعد المرور والإرشادات الخاصة بالسير فيه للأفراد والمركبات حفاظا على أمن المجتمع وسلامته من ناحية، وعدم إتلاف وإهدار الجهود التي قامت بها الدولة من جهة ثانية، فالحفاظ على المال العام وحمايته هو من الواجبات الشرعية والضرورية التي على المواطن تجاه وطنه، وتعد من الأمانات التي يجب عليه أن يقوم بها.

 

فقال تعالى “إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها” وعلى مر العصور والأزمنة يتعرض المال العام للاعتداءات، وإن تغيرت في الشكل والطريقة والأسلوب إلاّ أن مضمونها واحد، ويتمثل ذلك في استئثار أحد الأفراد به وحده بدون حق، أو انتزاع ملكيته من مجموع الناس إليه بدون حق، أو سوء استخدامه أو إتلافه، أو عدم أداء ما عليه من حقوق الدولة، ويلحق بذلك كل من يعتدي على المال العام كمن يسرق الكهرباء أو يتلاعب في عدادات قراءتها، أو سرقة أسلاكها وأبراجها، وكذلك من يعتدي على أملاك الدولة، أو يحتال على صرف دعم لا يستحقه، أو يقوم بتزوير البيانات للحصول على عطاء من التموين لا يستحقه، أو يحتال للحصول على إسكان مدعم لا يستحقه.

 

فهؤلاء جميعا يضيعون الفرصة والحق على مستحقيه الحقيقيين، أو اغتصاب الأرض بوضع اليد عليها ظلما، أو الاعتداء على أملاك الدولة والأوقاف، ومن صور الاعتداء على المال العام هو التهرب من سداد فاتورة الكهرباء والماء في موعدها، وهذا مرفوض شرعا لأن ذلك هو مقتضى العقد القائم بين المزودين لهذه الخدمات كشركة الكهرباء، والجهة المزودة بالماء وبين المشترك في هذه الخدمات، ولا يجوز التهرب من السداد، فقد أمر الله عز وجل بالوفاء بالعقود في قوله تعالى “يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود” وإن المنهج الإسلامي لعلاج هذه الظاهرة المحرمة شرعا هو إصدار قانون يمنع ذلك، ومن يريد المجاملة الصادقة الخالصة يكون من ماله الخاص.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى