مقال

نفحات إيمانية ومع أكل أموال الناس بالباطل “الجزء السادس”

نفحات إيمانية ومع أكل أموال الناس بالباطل “الجزء السادس”

إعداد / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء السادس مع أكل أموال الناس بالباطل، والدول الأوروبية والغربية يزعمون أن حد السرقة في الإسلام لا يمكن تطبيقه لأنه لو طبّق لكانت تقطع في كل يوم آلاف الأيدي، وهذا اعتراف منهم من حيث لا يشعرون بأن مجتمعاتهم قد كثرت بين أفرادها جرائم السرقة، وهذا ما يصرحون به، وهذه الدول التي تسمي نفسها دولا علمانية لا تؤمن بالإسلام ولا بفكرة الآخرة، ولا تؤمن بأن هناك جنة ونارا وبعثا وحسابا بعد الممات، فهم بهذه النظرة والمبادئ قد أوجدوا ما يدفع أفراد شعوبهم إلى ارتكاب الجريمة والسرقة لأنه لا شيء يصلح النفوس ويكفها عن أن تعتدي على حق غيرها إلا الوازع الديني، وحكام هذه الدول حين يطلبون من شعوبهم.

 

أن يكونوا صالحين بهذه المبادئ غير الإسلامية، يكون حالهم كحال من قال فيه الشاعر ألقاه في البحر مكتوفا وقال له إياك إياك أن تبتل بالماء، وإن الإسلام لا يقيم حد السرقة إلا بعد إقامة البينة القاطعة والتثبت من وقوعها، فقيل أن قوما من الكَلاعيين سُرق لهم متاع، فاتهموا ناسا من الحاكة، فأتوا النعمان بن بشير صاحب النبي صلى الله عليه وسلم فحبسهم أى فحبس المتهمين أياما، ثم خلى سبيلهم وأطلق سراحهم، فأتوا فأتى الكَلاعيون، النعمان، فقالوا خليت سبيلهم بغير ضرب ولا امتحان؟ فقال النعمان إن شئتم أن أضربهم، فإن خرج متاعكم فذاك، وإلا أخذت من ظهوركم مثل ما أخذت من ظهورهم، أي إن شئتم عاقبتهم، لكن إذا تبين أن متاعكم ظهر عند غيرهم.

 

ولم يكونوا هم السارقين، لعاقبتكم مثل ما عاقبتهم، فقالوا هذا حكمُك؟ فقال هذا حكم الله وحكم رسوله صلى الله عليه وسلم” رواه أبو داود، وكذلك لا يقيم الإسلام حدّ السرقة إلا بعد إقامة المجتمع الإسلامي، وبعد أن يزيل كل دافع إليها، فالدولة الإسلامية ملزمة في شرع الله أن تمكن كل فرد من أفراد الأمة بأن تجد له العمل المناسب الذي يكسب به قوته وقوت عياله، وبيت المال في الدولة الإسلامية مطالب بتكملة النفقات الضرورية إذا كان العمل وحده لا يكفي، فإذا كان الفرد عاجزا لمرض أو ضعف أو شيخوخة أو كان طفلا، فعند ذلك يتكفل بيت المال بجميع النفقات اللازمة للحياة الكريمة، فإذا حدث برغم هذا الاحتياط أن وجد جائع يسرق ليأكل، فقد سقط عنه الحد.

 

وهو حد السرقة الذي هو قطع اليد، لذلك أوقف الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه عقوبةَ قطع يد السارق في عام الرمادة، وهو عام القحط والجوع الذي أصاب المسلمين لأنه توافر فيه دافع الحاجة إلى السرقة، وروي أن عبيدا لحاطب بن أبي بلتعة سرقوا ناقة من بني مُزينة، فجيء بهم إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فأقروا واعترفوا بالسرقة، فأمر كثير بن الصلت بقطع أيديهم ، فلما همّ بتنفيذ هذه العقوبة فيهم، صاحوا يا أمير المؤمنين، إن حاطبا لا يعطينا ما نسد به رمقنا، فلولا الحاجة والجوع ما سرقنا، فلما سمع كلامهم عفا عنهم، ثم وجّه اللوم لسيدهم حاطب بن أبي بلتعة، فقال له وايمن الله إذ لم أفعل ذلك لأغرمنك بدلا من ذلك غرامة توجعك، ثم قال يا مزني.

 

بكم أريدت منك ناقتك؟ قال بأربعمائة، فقال عمر بن الخطاب لحاطب اذهب فأعطه ثمانمائة، فهذه حادثة واضحة الدلالة على أن المجرم لا يؤخذ بذنبه حتى ينظر الحاكم أولا في دوافع الجريمة، فيزنها بميزان الحق والعدل، ويبحث عن المسؤول الحقيقي فيها فيوقع العقوبة عليه، ويروى أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه همّ بقطع يد سيدهم بعد أن علم أنه كان هو السبب الرئيس في دفع عبيده إلى السرقة، وقد بيّن الإسلام أن السارق إذا أفلت من عقاب الدنيا، فلن يفلت من عقاب الآخرة، الذي هو أشد وأنكى، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “أتدرون من المفلس؟ قالوا المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع …؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى