مقال

نفحات إيمانية ومع أسواق الدنيا الفانية “الجزء الخامس “

نفحات إيمانية ومع أسواق الدنيا الفانية “الجزء الخامس ”

إعداد / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء الخامس مع أسواق الدنيا الفانية، وإنها تجارة رابحة في أبغض البقاع إلى الله عز وجل كي تحصل على مليون حسنة، وتحط عنك مليون سيئة، فقل كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول “من دخل سوقا من الأسواق فقال لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير كتب الله له ألف ألف حسنة ومحا عنه ألف ألف سيئة” فكن من هؤلاء الذاكرين كي تحظى بهذا الأجر العظيم، وكما يجب عليك اجتناب مرافقة النساء إلا لضرورة، فلا تأخذ إحدى نساء بيتك معك إلا لحاجة لا بد منها تستدعي وجودها، فالأصل للمرأة أن تقعد في بيتها، ولا تكثر الخروج والدخول إلا بقدر معلوم حتى لا تكون فتنة لغيرها، ومفتونة من سواها، فالذئاب البشرية التي تحوم في السوق تنتظر في لهفة بالغة تلك الفريسة الضائعة.

 

التي لا حامي لها لتنهش لحمها بمخالبها المهلكة وأنيابها المردية، فإذا كان ولابد من مرافقة إحدى محارمك فألزمها بالحجاب الشرعي، وكن ممن يقي نفسه وأهله من النار فقال الله تعالى “يا أيها الذين آمنوا قو أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجاره عليها ملائكة غلاظ شداد لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون” فالإثم كل الإثم لمن يضيع أهل بيته، فيقول رسول الله صلى الله عليه وسلم “كفى بالمرء إثما أن يضيّع من يقوت” ولا يكن قدوتك من الناس ذلك الذي خبت غيرته فتراه يمشي مع زوجته أو أخته وقد كشفت عن بعض جسدها كوجهها أو عينيها وما حولها، أو يديها أو قدميها وشيء من ساقيها في ملابس مخزية، فهي تتكلم مع الباعة في سذاجة باهتة، وتتبادل النظرات الخائنة والضحكات ، وذلك المحرم لا يفعل ما يلزم للمحافظة عليها.

 

وإياك وهيشات الأسواق، فلا تساير زوجتك أو أي من محارمك في شراء أمور لا حاجة لها وأنت غير مقتنع بها، أو أنها غالية الثمن باهظة التكاليف، أو أنها تجلب عليك الضرر وتورد بيتك موارد الخطر، واعمل بوصية رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي يقول فيها “وإياكم وهيشات الأسواق” أي اختلاطها والمنازعة والخصومات وارتفاع الأصوات واللغط والفتن التي فيها، ولتكن أنت من يشتري ويتداول مع الباعة وغيرهم ، فالقرار قرارك بعد المشاورة ،أما أن تعطي المرأة دورك فتسترجل عليك وتتحدث مع الغرباء، وتضاحكهم وأنت أبكم لا تتكلم، وتتملقهم وأنت جامد خامد لا تتألم، فماذا بقي لك من صفات الرجولة ؟ وهل يستحق من هذا شأنه أن رجلا؟ وهل تعلم أن الكثير من الباعة يظن بالمرأة شرا من كلمة قالتها،أو ابتسامة ألقتها.

 

فيحاول أن يسيء إلى سمعتها، أو أن يحاول إقامة علاقة محرمة معها، ليكون بعدها الجرح الذي لا يندمل، وإن كنت بائعا أو مشتريا، فعليك أن تكف بصرك عن النظر فيما حرم الله عليك، فلا تنظر إلى امرأة لا تحل لك، وراقب نظرك فإن الله يراقبك وينظر إليك، واستحى منه، فإنه مطلع عليك ولا يخفى عليه شيء من شأنك والمراقبة هو علم القلب بقرب الرب، وهو أقرب إليك من حبل الوريد، فقال الله تعالى ” قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون” وعن جرير بن عبدالله رضي الله عنه قال سالت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نظر الفجاءة، فأمرني أن أصرف بصري، وعن بريدة رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلي رضي الله عنه “يا علي، لا تتبع النظرة النظرة، فإن لك الأولى، وليست لك الثانية”

 

وإن من الأشياء التي يتهاون فيها الناس في الأسواق قضايا البيوع، فيقول العلامة ابن عثيمين رحمه الله، اعلم أن البيع في الإسلام مبناه على شيئين، الصدق والبيان، وهو أن يصدق الإنسان في معاملته، وأن يبين ما يجب أن يبين، فقال النبي صلى الله عليه وسلم “البيعان بالخيار ما لم يتفرقا أو قال حتى يتفرقا فإن صدقا وبينا بورك لهما في بيعهما وإن كتما وكذبا محقت بركة بيعهما” فمن الصور المحرمة هو الكذب في البيع بأن يقول اشتريت السلعة بعشرة وقد اشتراها بثمانية، هذا كذب، ولماذا كذب؟ لماذا قال بعشرة وهي بثمانية؟ لأجل أن يزيد الثمن، ومن الكذب أيضا أن يقول هذه السلعة من النوع الفلاني الذي هو طيب وجيد ومتين، وهي من غيره، مثل أن يقول هذه صناعة جيدة وهي صناعة غيرجيدة، بل صناعة أردأ، فهذا أيضا كذب.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى