مقال

نفحات إيمانية ومع التخطيط والهجرة النبوية ” الجزء الثالث “

نفحات إيمانية ومع التخطيط والهجرة النبوية ” الجزء الثالث ”

إعداد / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء الثالث مع التخطيط والهجرة النبوية، وإن من أبرز القيم التى أكدتها الهجرة المباركة هى المواطنة والتعايش السلمي حيث قدم النبى صلى الله عليه وسلم المدينة وبها العديد من الطوائف، فوضع النبى صلى الله عليه وسلم وثيقة المدينة لترسيخ مبدأ المواطنة والتعايش السلمى، وضرب لنا صحابة النبى صلى الله عليه وسلم أروع الأمثلة فى الإيثار لما اخى النبى صلى الله عليه وسلم بين المهاجرين والأنصار قالت الأنصار للنبى صلى الله عليه وسلم اقسم بيننا وبين إخواننا النخيل، قال “لا” فقالوا تكفونا المئونة، ونشرككم فى الثمرة، قالوا سمعنا وأطعنا” وهناك دلالات كثيرة في هجرة النبي صلى الله عليه وسلم حينما دخل المدينة المنورة.

 

وتم بناء أول مسجد فيها، وهو مسجد قباء، وأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يخطب في المسجد، وكان يدرس في المسجد، ودلالة على أن الإنسان خلق من أجل العمران، ومقرا لاستقبال الوفود، وأن علم المسجد بركة، ونور، وعلم المسجد أقوم، وأنه علم بلا مسجد ضلال ووبال وخبال على صاحبه، فقال البعض منا اليوم إن المسجد اليوم للغسل، وللوضوء، وللحيض وللنفاس، مال المسجد والاقتصاد؟ مال المسجد والتعليم؟ دعوا هذه الأمور، فالمسجد لا علاقة له بهذه الأمور، لكن النبى صلى الله عليه وسلم كان يخطب في المسجد، وكان أخطب خطباء الدنيا على الإطلاق وأفصح فصحاء العالم، وحل مشاكل الدنيا كلها من خلال المسجد، فحل مشكلة التخطيط في السياسة الاقتصادية.

 

كما هو واضح من خلال الخطة الخمس عشرية من قصة يوسف الصديق عليه السلام، وكيف كانت هذه الخطة سببا في إنقاذ مصر وما حولها من الأقطار من مجاعة مهلكة، كما استخدم النبي صلى الله عليه وسلم لأسلوب الإحصاء، وهو علم الإحصاء الذي يدرس اليوم في كليات التجارة المخترع له النبى صلى الله عليه وسلم، وليس الغرب، فمنذ عهد مبكر من حياة المسلمين في المدينة والرسول صلى الله عليه وسلم، يستخدم هذا العلم، فقد روى البخاري أن النبى صلى الله عليه وسلم، بعد الهجرة أمر بعض الصحابة أن يحصى له عدد الذين دخلوا في الإسلام، فأحصوهم، وكان تعدادهم في ذلك اليوم خمسمائة وألف، وإقراره صلى الله عليه وسلم.

 

لمبدأ التجربة في الأمور الدنيوية والأخذ بنتائجها، وإن كانت مخالفة لرأيه صلى الله عليه وسلم كما وقع في حادثة تأبير النخل وقال لهم صلى الله عليه وسلم أنتم أعلم بأمور دنياكم، كما حل الرسول صلى الله عليه وسلم، في المسجد مشكلة الصناعة ودورها في الحياة، حتى إنه شرح لهم أن رسل الله الكرام كانوا أصحاب حرف وصناعات، فنبى الله نوح عليه السلام، شيخ المرسلين كان يصنع السفن، وأنبياء الله إبراهيم وإسماعيل، عليهما السلام، بناءان يرفعان القواعد من البيت، ونبى الله داود عليه السلام، كان يصنع الدروع ويلين له الحديد، وذو القرنين كان يقيم السد العظيم من الحديد والنحاس المذاب، وإن العفو والصفح، من أهم المحاور التي نتذكرها من هجرة النبي صلى الله عليه وسلم.

 

وخاصة محور العفو والصفح الجميل، وتعلمناها من هجرة النبي صلى الله عليه وسلم، حينما آخى بين المهاجرين والأنصار، وأزال الأحقاد بين الأوس والخزرج، فكان ذلك عنوانا أصيلا للسلام، ويقضي على البغضاء والكراهية بين الناس، ونحن بحاجة إلي تعميق معني الأخوة، فنحن صمنا مع بعضنا، وصلينا مع بعضنا، وبيننا ركعات ودعوات ودمعات قد بكيناها للواحد الأحد، فهذه المشتركات ينبغي أن تقرب بين قلوبنا، وينبغي أن ننزع الغل والبغضاء الذي في صدورنا علي بعضنا، ينبغي أن نبحث عن هذه العلاقة المفقودة، ويقول المولى عز وجل “وإن الساعة لآتية فاصفح الصفح الجميل” ولذا يجب أن نبحث في كيفية تمتينها؟ فإنك لا تجد مسلما اليوم إلا ومعه خلاف مع مسلم آخر.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى