مقال

نفحات إيمانية ومع الرسول الكريم فى الشِعب ” الجزء الأول “

نفحات إيمانية ومع الرسول الكريم فى الشِعب ” الجزء الأول ”

إعداد / محمـــد الدكـــرورى

 

لقد كان حصار أهل مكة الجائر للنبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم ومن معه من بني هاشم وبني المطلب في بداية شهر المحرم لسنة سبعه من البعثة النبوية الشريفة وقد استمر نحو ثلاث أعوام، فلما رأت قريش أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلو ويسمو، والأمور تتزايد أجمعوا أن يتعاقدوا على بني هاشم وبني المطلب وبني عبد مناف ألا يبايعوهم ولا يناكحوهم ولا يكلموهم ولا يجالسوهم حتى يسلموا إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكتبوا بذلك صحيفة وعلقوها في سقف الكعبة، فانحازت بنو هاشم وبنو المطلب مؤمنهم وكافرهم إلا أبا لهب فإنه ظاهر قريشا على رسول الله صلى الله عليه وسلم وبني هاشم وبني المطلب، وحبس رسول الله صلى الله عليه وسلم.

 

ومن معه في شعب أبي طالب ليلة هلال المحرم سنة سبعه من البعثة، وظلوا محصورين مضيقا عليهم جدا مقطوعا عنهم الميرة والمادة نحو ثلاث سنين حتى بلغ بهم الجهد، ثم أطلع الله رسوله صلى الله عليه وسلم على أمر صحيفتهم وأنه أرسل إليها الأرضة فأكلت جميع ما فيها من جور وقطيعة وظلم إلا ذكر الله عز وجل، فأخبر بذلك عمه أبو طالب فخرج إليهم فأخبرهم أن ابن أخيه قال كذا وكذا، فإن كان كاذبا خلينا بينكم وبينه، وإن كان صادقا رجعتم عن ظلمنا، قالوا أنصفت، فأنزلوا الصحيفة فلما رأوا الأمر كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم ازدادوا كفرا وعنادا، وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن معه من الشعب، وكأن رجاء قريش لم ينقطع.

 

بما أجاب به النبي صلى الله عليه وسلم عتبة على اقتراحاته لأنه لم يكن صريحا في الرفض أو القبول، بل تلا عليه النبي صلى الله عليه وسلم آيات لم يفهمها عتبة، ورجع من حيث جاء، فتشاور رؤساء قريش فيما بينهم وفكروا في كل جوانب القضية، ودرسوا كل المواقف بروية وتريث، ثم اجتمعوا يوما عند ظهر الكعبة بعد غروب الشمس، وأرسلوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم يدعونه، فجاء مسرعا يرجو خيرا، فلما جلس إليهم قالوا له مثل ما قال عتبة، وعرضوا عليه نفس المطالب التي عرضها عتبة‏، وكأنهم ظنوا أنه لم يثق بجدية هذا العرض حين عرض عتبة وحده، فإذا عرضوا هم أجمعون يثق ويقبل، ولكن قال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم‏.

 

“ما بي ما تقولون، ما جئتكم بما جئتكم به أطلب أموالكم ولا الشرف فيكم، ولا الملك عليكم ولكن الله بعثنى إليكم رسولا وأنزل على كتابا وأمرنى أن أكون لكم بشيرا ونذيرا فبلغتكم رسالات ربى ونصحت لكم فإن تقبلوا منى ما جئتكم به فهو حظكم فى الدنيا والآخرة، وإن تردوا على أصبر لأمر الله حتى يحكم الله بينى وبينكم” فانتقلوا إلى نقطة أخرى، وطلبوا منه صلى الله عليه وسلم أن يسأل ربه أن يسير عنهم الجبال، ويبسط لهم البلاد، ويفجر فيها الأنهار، ويحيى لهم الموتى، ولا سيما قصى بن كلاب فإن صدقوه يؤمنون به‏، فأجاب صلى الله عليه وسلم بنفس ما سبق من الجواب‏، فانتقلوا إلى نقطة ثالثة، وطلبوا منه صلى الله عليه وسلم أن يسأل ربه أن يبعث له ملكا يصدقه.

 

ويراجعونه فيه، وأن يجعل له جنات وكنوزا وقصورا من ذهب وفضة، فأجابهم صلى الله عليه وسلم بنفس الجواب‏، فانتقلوا إلى نقطة رابعة، وطلبوا منه صلى الله عليه وسلم العذاب‏، أن يسقط عليهم السماء كسفا، كما يقول ويتوعد، فقال‏ صلى الله عليه وسلم “‏ذلك إلى الله، إن شاء فعل‏” فقالوا‏ أما علم ربك أنا سنجلس معك، ونسألك ونطلب منك، حتى يعلمك ما تراجعنا به، وما هو صانع بنا إذا لم نقبل‏، وأخيرا هددوه أشد التهديد، وقالوا‏ أما والله لا نتركك وما فعلت بنا حتى نهلكك أو تهلكنا، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم عنهم، وانصرف إلى أهله حزينا أسفا لما فاته ما طمع من قومه‏، ولما انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم عنهم خاطبهم أبو جهل في كبريائه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى