مقال

نفحات إيمانية ومع الرسول الكريم فى الشِعب ” الجزء التاسع “

نفحات إيمانية ومع الرسول الكريم فى الشِعب ” الجزء التاسع ”

إعداد / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء التاسع مع الرسول الكريم فى الشِعب، وعندما خرج أبو بكر الصديق مهاجرا، لقيه بن الدغنة وهو سيد القارة فقال أين تريد يا أبا بكر فقال أبو بكر أخرجني قومي فأنا أريد أن أسيح في الأرض فأعبد ربي قال ابن الدغنة إن مثلك لا يخرج ولا يخرج، فإنك تكسب المعدوم وتصل الرحم وتحمل الكل وتقري الضيف وتعين على نوائب الحق وأنا لك جار فارجع فاعبد ربك ببلادك فارتحل ابن الدغنة فرجع مع أبي بكر فطاف في أشراف كفار قريش فقال لهم إن أبا بكر لا يخرج مثله ولا يخرج أتخرجون رجلا يكسب المعدوم ويصل الرحم ويحمل الكل ويقري الضيف ويعين على نوائب الحق فأنفذت قريش جوار ابن الدغنة وآمنوا أبا بكر.

 

وقالوا لابن الدغنة مر أبا بكر فليعبد ربه في داره فليصلى وليقرأ ما شاء ولا يؤذينا بذلك ولا يستعلن به فإنا قد خشينا أن يفتن أبناءنا ونساءنا فقال ذلك ابن الدغنة لأبي بكر فطفق أبو بكر يعبد ربه في داره ولا يستعلن بالصلاة ولا القراءة في غير داره ثم بدا لأبي بكر فابتنى مسجدا بفناء داره وبرز فكان يصلي فيه ويقرأ القرآن فيتقصف عليه نساء المشركين وأبناؤهم يعجبون وينظرون إليه وكان أبو بكر رجلا بكاء لا يملك دمعه حين يقرأ القرآن فأفزع ذلك أشراف قريش من المشركين فأرسلوا إلى ابن الدغنة فقدم عليهم فقالوا له إنا كنا أجرنا أبا بكر على أن يعبد ربه في داره وإنه جاوز ذلك فابتنى مسجدا بفناء داره وأعلن الصلاة والقراءة وقد خشينا أن يفتن أبناءنا ونساءنا.

 

فأته فإن أحب أن يقتصر على أن يعبد ربه في داره فعل وإن أبى إلا أن يعلن ذلك فسله أن يرد إليك ذمتك فإنا كرهنا أن نخفرك ولسنا مقرين لأبي بكر الاستعلان فقالت السيدة عائشة رضى الله عنها فأتى ابن الدغنة أبا بكر فقال قد علمت الذي عقدت لك عليه فإما أن تقتصر على ذلك وإما أن ترد إلي ذمتي فإني لا أحب أن تسمع العرب أني أخفرت في رجل عقدت له قال أبو بكر إني أرد إليك جوارك وأرضى بجوار الله ورسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ بمكة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أريت دار هجرتكم رأيت سبخة ذات نخل بين لابتين وهما الحرتان فهاجر من هاجر قبل المدينة حين ذكر ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجع إلى المدينة.

 

بعض من كان هاجر إلى أرض الحبشة، وقد ذكر ابن حجر في فتح الباري أن قول السيدة عائشة رضى الله عنها في الحديث فلما ابتلي المسلمون، تقصد به أذى المشركين للمسلمين لما حصروا في شعب أبي طالب فأذن الرسول صلى الله عليه وسلم للصحابة بالهجرة للحبشة، وقد ذكر ابن القيم في زاد المعاد أن الحصار بدأ في بداية السنة السابعة من البعثة واستمر نحو ثلاث سنين، ويدل لهذا أيضا ما رواه ابن إسحاق بسند صحيح عن عائشة أن أبا بكر لما ضاقت عليه مكة وأصابه فيها الأذى ورأى من تظاهر قريش على رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه ما رأى استأذن رسول الله في الهجرة فأذن له، فخرج مهاجرا حتى لقيه ابن الدغنة.

 

وفي هذه الروايات المرارة التي يتحدث بها رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يتذكر الحدث، مع أن حجة الرسول صلى الله عليه وسلم كانت في العام العاشر من الهجرة، واتفاق قريش على هذا الظلم كان في أواخر العام السادس من البعثة يعني أنه قد مر على هذه القصة سبع عشرة سنة كاملة لكنه كان أمرا محفورا في الأذهان لا ينسى على مدار السنين حتى إن الرسول صلى الله عليه وسلم ما زال يذكر المكان الذي كتبت فيه صحيفة الظلم، وهو خيف أي وادي كنانة، عند المحصب في أعلى مكة، وهو يذكر كذلك أن عقيل، وهو عقيل بن أبي طالب ابن عمه، وكان لم يسلم بعد، قد باع دار أبي طالب التي كان من الممكن أن ينزل فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى