مقال

نفحات إيمانية ومع العاشر من محرم “الجزء الثالث “

نفحات إيمانية ومع العاشر من محرم “الجزء الثالث ”

إعداد / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء الثالث مع العاشر من محرم، ويقول فرعون لأهل مصر ما قاله الله تعالى عنه ” ما علمت لكم من إلة غيرى” أي لا أعرف إلها ولا ربا ولا خالقا، ولا موجدا لكم يا أهل مصر إلا أنا، فهكذا كان عال في الأرض، وقال الله تعالى ” وإنه لمن المسرفين” أى أنه أسرف وطغى وبغى وتجبر، وتعدى الحدود، فبعث الله إليه موسى عليه الصلاة والسلام، وبعثه إلى أهل مصر، فدعاهم إلى عبادة الله وتوحيده، وأن الذي يستحق العبادة هو الذي يكور الليل على النهار، ويجعل الشمس تخرج من المشرق، وتغيب من المغرب، الذي يقول للشيء كن فيكون، والذي يهب لمن يشاء ذكورا ويهب لمن يشاء إناثا، ويجعل من يشاء عقيما، والذي يجري السحاب، فيأمرها بإنزال المطر.

 

ويأمر الأرض بإخراج الثمر، إنه الله الخالق الرازق الحكيم السميع، لا إله إلا هو، فآمن لموسى طائفة من أهل مصر، فاشتد عليهم الظلم والجور من قبل فرعون وأزلامه، قتل فيهم فرعون وسجن وطرد، وعذب وارهب، فاجتمع نبى الله موسى عليه السلام مع قومه، فقال “يا قوم إن كنتم آمنتم بالله فعليه توكلوا إن كنتم مسلمين” يا قوم العاقبة للمتقين، وهذا خلق من خلق الله، وعبد من عبيده، أتعبدون المخلوق أم الخالق؟ أتعبدون المعبود أم تعبدون العبد؟ فإنه من آمن بالله فلا يخشى ظالما، ومن توكل على الله فلا يخشى حاكما، ومن اعتصم بالله فلا يخشى طاغية ولا جنودا، ولقد وقف غلام على ضعفه وقلة حيلته، أمام ملك من الملوك على قوته وجبروته وحاشيته.

 

بأي قوة وقف الغلام؟ بقوة “لا تحزن إلا الله معنا” ووقف النبي الكريم صلى الله عليه وسلم أمام الدنيا بأسرها لأن الله معه، فإن كان الله معك وكنت مع الله أيضرك شيء؟ أتعرفون ماذا قال قوم موسى له؟ قالوا عندما سمعوا خطاب موسى عليه السلام ” فقالوا على الله توكلنا ربنا لا تجعلنا فتنة للقوم الظالمين، ونجنا برحمتك من القوم الكافرين” ونزل الإذن لنبى الله موسى أن يخرج هو وقومه من مصر إلى الشام آخذين بالأسباب، بعد التوكل على القوي المتعال، قال له اخرج “من هذه القرية الظالم أهلها” ومن هذا الحاكم الجائر إلى بلاد الشام، وانظر كيف صور الله في كتابه العظيم هذا الحدث فقال تعالى فى سورة الشعراء “وأوحينا إلى موسى أن أسرى بعبادى إنكم متبعون، فارسل فرعون فى المدائن حاشرين، إن هؤلاء لشرذمة قليلون”

 

وبعدما خرج موسى وقومه أرسل فرعون عبر وزاراته وقواته وجنوده في مصر، تعميما، إن موسى وأصحابه “لشرذمة فليلون” ومعنى كلمة “شرذمة” تحقيرا لهم، واسخفافا بهم، بأجساد ضعيفة، وأعداد قليلة، وأموال زهيدة، وإمكانيات محدودة، بنظرة مادية، فيقول تعالى فى سورة الشعراء ” وإنهم لنا لغائظون، وإنا لجميع حاذرون، فاخرجناهم من جنات وعيون، وكنوز ومقام كريم، كذلك وأورثناها بنى إسرائيل، فأتبعوهم مشرقين” فخرج نبى الله موسى، وخرج خلفه فرعون، وقد ذكر أهل السير أن فرعون خرج في أكثر من مليون وستمائة ألف جندي كان معهم الخيول أكثر من مائة ألف، وسار موسى ومن معه من المؤمنين الفارين بدينهم، حتى بلغوا البحر.

 

فكان البحر من أمامهم، وفرعون من خلفهم، فلم يجدوا فرارا ولا ملجئا أما بحر يغرق، أو عدو مهلك، واشتد الرعب والخوف في أوساط اتباع موسى، فالموت يحاصرهم من كل جانب، ورائحة الموت أزكمت الأنوف، ومنظر الموت يلوح في الأفق من كل جانب، إذ أنهم يعرفون فرعون سنين من الظلم والجور، فهو جبار طاغية ظالم، لا يعرف رحمة، ولا الرحمة تعرف طريقا إلى قلبه، فرأوا أنهم محاصرون، بحر قوي، وأمواج تتلاطم، وعدو من خلفهم، جاء قوم موسى إليه، فقالوا له اين المفر أنت من أتيت بنا إلى هنا؟ كما يقول تعالى ” إنا لمدركون” فقال نبى الله موسى المؤمن بقوة ربه القوي، وبضعف هذا الكافر الغبي “كلا إن معى ربى سيهدين” لا تنظروا إلى مقياس البشر، أخفتم من فرعون وجنوده؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى