مقال

نفحات إيمانية ومع يوم عاشوراء “الجزء الأول “

نفحات إيمانية ومع يوم عاشوراء “الجزء الأول ”

إعداد / محمـــد الدكـــرورى

 

نحمد الله عز وجل أن هدانا للصراط المستقيم ووفقنا للمنهج القويم ولاتباع النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، ونحن نتعامل مع المصائب والأحزان من مبدأ شعاره “إن أمر المؤمن كله له خير” وليست الأحداث المحزنة تقعدنا عن العمل الجاد المثمر، أو تدفعنا للجلوس في مآتم جنونية، تسحق فيها العقول، وتهدر فيها كرامة المسلم، وتشوه فيها سمعة الإسلام، فإن يوم عاشوراء يوم عز ونصر وفرح وبشر لأنه يوم تدفعنا مآثره إلى استشعار العزة والشعور بالأمل والترقب للنصر، هو يوم يقول عنه الله تعالى ” إن العاقبة للمتقين” ويقول عنه سبحانه ” إنه لا يفلح الظالمون” ولقد كان أهل الجاهلية يسمون شهر المحرم شهر الله الأصم لشدة تحريمه.

 

ولقد جعل الله في تصرم الأيام والليالي عبرة وآية لكل معتبر وأودع في أيام العام ولياليه خيرا كثيرا لمن تلمسها، وخلق كل شيء فقدره تقديرا، جل في علاه من إلاه عليم خبير، ولقد شاء الله تعالى أن ينقل عباده بين موسم طاعاته، ويفتح لهم أبواب فضله، وأغدق عليهم بآلائه ومننه، فمع رحيل عام وبداية عام جديد، موسم للمغفرة والرحمات والعفو عن الزلات، وقد وسّع الله لعباده أبواب المغفرة والرحمة في نهاية العام وأوله، فشرع سبحانه لعباده مواسم عشر ذي الحجة في ختام العام ففتح فيها عباده كلهم حجاجا وغير حجاج أبواب الرحمات، ويرجى لمن صام يوم عرفة أن يغفر الله له ذنوب عامين، ويبدأ المسلم عامه الجديد بصوم يوم عاشوراء ليغفر الله له ذنوب سنة فما أعظم فضل الله على عباده؟

 

وما أوسع رحمته سبحانه وتعالى؟ ومن فضائل شهر الله المحرم أنه يستحب الإكثار فيه من صيام النافلة فعن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال “أفضل الصيام بعد رمضان شهر الله المحرم” رواه مسلم، وقال ابن رجب رحمه الله “سمى النبي صلى الله عليه وسلم هذا الشهر شهر الله المحرم، فاختصه بإضافته إلى الله، وإضافته إلى الله تدل على شرفه وفضله، ولما كان هذا الشهر مختصا بإضافته إلى الله تعالى وكان الصيام من بين الأعمال مختصا بإضافته إلى الله، ناسب أن يختص هذا الشهر المضاف إلى الله بالعمل المضاف إلى الله المختص به وهو الصوم” وقال أيضا رحمه الله تعالى”من صام من ذي الحجة، وصام من المحرم، ختم السنة بالطاعة، وافتتحها بالطاعة.

 

فيرجى أن تكتب له سنته كلها طاعة، فإن من كان أول عمله طاعة، وآخره طاعة، فهو في حكم من استغرق بالطاعة ما بين العملين” ومما اختص الله به شهر المحرم يومه العاشر وهو عاشوراء، هذا اليوم الذي احتسب النبي صلى الله عليه وسلم على الله أن يكفر لمن صامه السنة التي قبله فعن أبي قتادة رضي الله عنه أن رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن صيام عاشوراء، فقال “أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله” رواه مسلم، وقد صامه النبي صلى الله عليه وسلم تعظيما لهذا اليوم، وهو يوم مبارك معظم منذ القدم، فاليهود أتباع نبى الله موسى عليه السلام كانوا يعظمونه ويصومونه ويتخذونه عيدا وذلك لأنه اليوم الذي نجى الله تعالى فيه نبيه موسى عليه السلام.

 

من فرعون وقومه، فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال “قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة، فرأى اليهود تصوم يوم عاشوراء، فقال ما هذا؟ قالوا هذا يوم صالح نجى الله فيه بني إسرائيل من عدوهم، فصامه موسى” رواه البخاري، وكذلك النصارى كان لهم حظ من تعظيم هذا اليوم، بل قريش على وثنيتها وعبادتها الأصنام كانت تصوم يوم عاشوراء وتعظمه، فتقول السيدة عائشة رضي الله عنها “كانت قريش تصوم عاشوراء في الجاهلية، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصومه في الجاهلية” ونحن المسلمين أحق بصيام هذا اليوم من أولئك، فهو يوم نجى الله تعالى فيه نبيه موسى عليه السلام، فنحن أحق بموسى منهم، فنصومه تعظيما له كما قال النبي صلى الله عليه وسلم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى