مقال

نفحات إيمانية ومع الإحترام وحقوق الإنسان “الجزء الثالث “

نفحات إيمانية ومع الإحترام وحقوق الإنسان “الجزء الثالث ”
إعداد / محمـــد الدكـــرورى

ونكمل الجزء الثالث مع الإحترام وحقوق الإنسان، فقد كان أعداء المسلمين ينبهرون إذا دخلوا على النبي وهو بين أصحابه من شدة احترامهم وتبجيلهم له، ولم يكن هذا الاحترام مقتصرا على شخص النبي عليه السلام فكذلك فعل الصحابة بمن بعده من العلماء حتى رُوي عن الربيع أنه ما كان يجرؤ أن يشرب الماء وهو في حضرة الشافعي هيبة منه وإجلالا له، وأما عن واجبات المتعلم تجاه معلمه كثيرة هي واجبات المتعلم تجاه معلمه، يذكر منها حُسن التعامل معه، وتقديره، وتوقيره، واتخاذه قدوة في أخلاقه الحسنة، وأيضا المدافعة عنه في غيابه وتجنب استغابته، واستيقان المتعلم أنه ما من بشر خالى من العيوب، وبذلك عليه تجنب عيوبه والسقوط في أخطائه.

وكذلك رفع قدره ومنزلته، وعدم الحط من شأنه بسبب أخطائه، بل تقبلها كما هي لأنه بشر يخطئ ويصيب، وكذلك الاجتهاد في الاستفادة منه ومن علمه قدر الاستطاعة، وأيضا الدعاء له بظهر الغيب، وقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أحاديث ترغب بالعلم والجد في طلبه حتى إنه فضل العالم على العابد، وجعل بينهما فرقا كبيرا إذ أخبر أن مثل فضل العالم على العابد كفضل النبي عليه السلام على غيره من البشر، كما أن العالم الفقيه أشد على الشيطان من العابد، ذلك أن العلم يرفع الإنسان عاليا فيجعله يوضح الطريق لغيره، ويبيّن لهم السُبل الصحيحة للتقرب من الله تعالى، وإتيان الطاعات، على غرار العابد الذي اكتفى بالفضل لنفسه.

بل إنه قد تدخل إليه حبال الشيطان حتى لا يستطيع دفعها عن نفسه لجهله، وقلة إحاطته بشرع الله، ولقد جاءت شريعة الإسلام بالأخلاق التي تقوي أواصر المودة بين الأفراد داخل المجتمع المسلم على تعدد فئاتهم مهما كانوا، وذلك من أجل أن يكون المجتمع صالحا، ومن تلك الأخلاق التي حث عليها الإسلام هو احترام الكبار في السن، فأمر الإسلام باحترامهم وتعظيمهم، وعدم التطاول عليهم أو الإساءة إليهم بالأقوال والأفعال، وأمر الإسلام الكبير أيضا بالعطف والرحمة على الصغير، وما ذلك إلا بتبادل المنافع بين الأفراد داخل المجتمع الواحد، وقد حث النبى صلى الله عليه وسلم على التحلي بهذا الخُلق العظيم، وقد بيّن أن من يتصف به في صغره مع الكبار.

فقد يهيئ الله له من يحنو عليه، ويحسن إليه عند كبره وعجزه، ويعد ذلك من تعظيم الله تعالى، فقد قال رسول الله “إن من إجلال الله تعالى إكرام ذي الشيبة المسلم” فيحرص المسلم على أن يراعي كبره وعجزه أثناء التعامل معه، ويتذكر أنه وإن كان قويا الآن فسيعود يوما إلى ضعفه الذي كان عليه، ولا يتكبر عليه، وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن إهانة الشيخ الكبير تدل على ما في القلب من نفاق، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا تحدث عنده اثنان بأمر ما بدأ بأكبرهما سنا، وما ذلك إلا ليدل على أن الإسلام أمر باحترام الكبير، وتتعدد حقوق الكبار في السن وطرق الرحمة والرأفة بهم، وما ذلك إلا من الإحسان لهم، وما جزاء الإحسان إلا الإحسان.

وإن من الحقوق هو توقيره واحترامه بأن يكون له مكانة في النفوس، ومنزلة في قلوب من هم حوله، وقد كان ذلك من سمت الرسول صلى الله عليه وسلم وصفاته، وهو من الواجبات التي أوجبها النبي، إضافة إلى السعي في خدمتهم والعمل على راحتهم، فقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم حين دخل عليهم رجل كبير في السن، فلم يسرع أحد إلى أن يوسع له في المجلس “ليس منا من لم يرحم صغيرنا، ويُوقر كبيرنا” وإن من الحقوق هو طيب المعاملة وذلك بحُسن الكلام والخطاب، وإكرام التعامل معه، والبدء بالسلام عليه وذلك من خلال عدم انتظار بدئه هو بالسلام في حال لقائه احتراما وتقديرا له، ويكون ذلك بالأدب في الخطاب والوقار.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى