مقال

نفحات إيمانية ومع آفات المعاملات ” الجزء الخامس “

نفحات إيمانية ومع آفات المعاملات ” الجزء الخامس ”

إعداد / محمــــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء الخامس مع آفات المعاملات، لذلك موضوع الحلال والحرام لا يستطيع إنسان كائن من كان أن يقول لك هذا حلال وهذا حرام إلا بالدليل، فإذ قال إنسان هذا الشيء حرام، فقل له أين الدليل؟ ليس تحليل الحرام أو ليس تحريم الحلال بأقل إثما وخطرا وانحرافا من تحليل الحرام، سيّان أن تحلل حراما أو تحرم حلالا، فإن بطولة الإنسان ليس فى تحريم الحلال ولكن في إعطاء الرخصة مع الدليل، فإن أول قاعدة هى الأصل في الأشياء الإباحة ما لم يرد نص صريح صحيح في تحريمها، لذلك المؤمن لا يعمل فكره إلا بالطريقة التالية، إن كنت ناقلا فالصحة، إن كنت مدعيا فالدليل فلا يقبل شيئا محرما إلا بالدليل القطعي، وطالبه بنص صحيح.

 

قرآن كريم، حديث صحيح، حديث متواتر، حديث حسن، وطالبه بدلالة واضحة صريحة، أما أن تعتمد نصا ضعيفا، أو موضوعا، أو أن تعتمد مدلولا ظنيا، فهذا لا يجعل هذا الشيء حراما، بالمناسبة أى إنسان مهما كان علمه محدودا بإمكانه أن يقول لك هذا حرام، لكن البطولة ليس في تحريم الحلال ولكن في إعطاء الرخصة مع الدليل، هذا حلال وهذا الدليل، فإن هذا الشرع من عند خالق الكون، من عند الصانع، من عند الخبير، فعندما يتطاول الإنسان ويحرم ما أحله الله، أو يحلل ما حرمه الله، فقد ارتكب إثما كبيرا، لذلك لا أبالغ إن قلت إن أكبر معصية على الإطلاق هناك إثم، هناك عدوان،هناك فحشاء، هناك منكر، هناك نفاق.

 

هناك شرك، هناك كفر، وفوق كل هذه وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون، أن تحلل حراما أو تحرم حلالا، الدليل العقلى أن الله لا يعقل أن يخلق شيئا من أجل الإنسان ثم يحرمه عليه، شيء عبس، يخلق ما في الكون من أجل الإنسان ثم يحرم هذه الطيبات على الإنسان؟ أما إذا حرم بعض هذه الجزئيات فالحكمة بالغة، فإن في الشرع الإسلامي أشياء أمرنا الله تعالى بها، وفي الشرع الإسلامي أشياء نهانا الله تعالى عنها، وفي هذا الشرع العظيم أشياء كثيرة جدا سكت الله عنها لم يأمرنا بها ولم ينهنا عنها هي المباحات، لذلك يمكن أن نقول هناك أمر واجب، وفرض، وواجب مستحب أو مندوب، ومباح، ومكروه تنزيها، ومكروه تحريما، وحرام.

 

فيجب أن يعمل عقل المؤمن دائما، كل حركة، كل سكنة، كل تصرف، كل موقف، يجب أن يصنفه في أحد هذه الأحكام الستة، فرض، واجب، مندوب، مباح، مكروه تنزيها تحريما، حرام، والتحليل والتحريم هو الذي حلله الله تعالى وحرمه الله تعالى، وأما عن النقطة الثانية وهى أن دائرة المباحات كبيرة جدا، وأن دائرة المحرمات صغيرة جدا، أى لو أخذنا نسبة المحرمات إلى نسبة المباحات لوجدنا أنها نسبة تكاد لا تذكر، وقد يسأل سائل لماذا خلق الله لحم الخنزير؟ ولماذا خلق الله التخمر؟ وهذا قانون كيميائى لماذا خلقه الله عز وجل؟ لأن الدنيا دار ابتلاء، لأن الدنيا في أصلها دار ابتلاء، فقال الله تعالى فى سورة الملك ” الذى خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا ”

 

فإن كنا مبتلين لأن الدنيا هي دار بلاء وامتحان، لذلك لابد من منهيات، ولابد من محرمات، فلو ألغيت المحرمات ألغى التكليف، وألغى حمل الأمانة، وألغى الثواب، وألغى العقاب، فلابد من أشياء محرمة لتمتحن في تركها، حيث أنه لا تظهر إرادة المؤمن في طاعة الله عز وجل إلا بترك المحرمات، فلو تصورنا أن الله تعالى خلق كل شيء مباح إطلاقا للإنسان، فمن هو الطائع؟ ومن هو العاصى؟ ومن هو المستقيم؟ ومن هو المنحرف؟ ومن هو الصالح؟ ومن هو الفائز؟ وهكذا فلو ألغيت العبادة، ألغى التكليف، ألغيت الأمانة، ألغى الثواب، ألغى العقاب، ألغيت الجنة، فلابد من المحرمات، وأما عن حكمة وجود المحرمات فهى متعلقة بحكمة التكليف، وبحكمة الابتلاء، وبحكمة الامتحان.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى