مقال

نفحات إيمانية ومع حق الوطن والمشاركه فى بنائه ” الجزء الخامس”

نفحات إيمانية ومع حق الوطن والمشاركه فى بنائه ” الجزء الخامس”

إعداد / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء الخامس مع حق الوطن والمشاركة فى بنائه، فيجب أن يكون الوطن حصنا منيعا في وجه كل اعتداء، فهو الجنة التي يجب أن تحاط بالأسوار العالية، وأن تحميه الأرواح الغالية والدماء الزكية، ولا يمكن للوطن أن يكون مصانا إلا بدماء أبنائه الذين يدافعون عنه مهما كانت الظروف والأحوال، كما يكون الدفاع عنه بنشر الحب والتكافل الاجتماعي بين أبنائه كي يكونوا أقوياء صامدين في وجه أي اعتداء خارجي، وحين يدافع الإنسان عن وطنه يشعر كما لو أنه يدافع عن روحه وعن حق نفسه وأبنائه بالعيش بأمانة وثقة، دون أن يكونوا خائفين، والدفاع الحقيقي عنه يكون أيضا بمحاربة الكراهية والبغضاء التي ينشرها أصحاب النفوس المريضة فيه.

 

وعدم الاستسلام لأي شائعات أو أقوال ينشرها المشككون في حبه، ويكون أيضا بوقف أي استغلال لأراضيه بطريقة سيئة، والدفاع عن خيراته ومقدراته من الإسراف والتبذير والضياع أو الاستغلال غير الصحيح، وزراعة الأشجار في صحرائه كي تصبح جنة، وتعمير أراضيه، وأيضا بتوعية أبناء الوطن بما يجب أن يفعلونه تجاهه من أهم أنواع الدفاع عنه، فالدفاع عنه لا يقتصر على حمل السلاح فقط، بل يحتاج إلى الوعي الكبير والقدرة على مجاراة جميع الدول وتحمل الظروف والأحوال التي تعصف بالبلاد والعباد، والعمل على التأقلم مع هذه الظروف ومنع تأثيرها على الوطن ومقدراته، أما الانحناء للعاصفة يعني الاستسلام والتخاذل.

 

وترك الوطن وحيدا في مهب الريح، كما أن الوفاء يحتم على الجميع الوقوف صفا واحدا لحمايته والدفاع عنه لينعم بالسلام الدائم، والتطور المستمر الذي يضعه في المقدمة دائما، فإن حماية الوطن هي أسمى الغايات في الحياة لأن الوطن يحتاج إلى سواعد أبنائه ليظل قويا ومنيعا وعصيا على الأعداء، أما إن تعرض للاعتداء فإن هيبته تسقط، ويصبح مطية للجميع، ولا يمكن وصف شعور رؤية الوطن المحتل من قبل الأعداء، لأنه شعور صعب جدا ممزوج بالقهر والألم، وهذا الشعور هو نفسه الذي يرافق حدوث أي اعتداء على الوطن، سواء كان هذا الاعتداء داخليا أم خارجيا، فتخريب الوطن لا يصب إلا في مصلحة اعدائه، ويعود بالسوء على أبناء الوطن أنفسهم.

 

لذلك فإن أقل ما يمكن تقديمه للوطن هو الدفاع عنه بالنفس والمال والأبناء، وافتدائه بالغالي والنفيس، وعدم السماح لأي شخص المساس به مهما كان، والعمل على زيادة منعته وتقويته وتعزيز الانتماء إليه من قبل أبنائه، وتعليمهم حبه والدفاع عنه من أي اعتداء، فإن الوطن لا يحتاج إلى شعارات وكلمات رنانة، ولا تغريه الخطابات الكثيرة، لأن حماية الوطن تحتاج إلى التضحية بالدماء، والذود عن حماه بكل الوسائل، ومن لا يدافع عن وطنه ويحميه لا يستحق العيش فيه، وسيجد نفسه محاطا بالأعداء الكثيرين والجواسيس، وهذا يسبب فقدان الأمن والأمان في الوطن، فتصبح الحياة فيه أشبه بالجحيم، فكم من شعوب تشردت من أوطانها بسبب الحروب.

 

وكم من نساء وأطفال وشيوخ وشباب عاشوا حياتهم في مخيمات اللجوء لأنهم تركوا أوطانهم مضطرين، فمن لا يحمي وطنه سيجد نفسه وقد أصبح ذليلا وهو يعيش خارجه ولا يملك أي كيان ينتمي إليه، وسيضيع مستقبله وإحساسه بالأمان، وسيعاني من التشريد والتهجير، فالوطن أمانة في عنق جميع أبنائه، وحمايته واجب محتوم، ولذلك كل شيء يهون لأجل رفعته وحمايته، فالوطن هو جنة الله على الأرض، وأن يحب الإنسان وطنه يعني أن يكون مستعدا للتضحية بنفسه وولده وماله كي تظل راياته عالية، أما إن غاب هذا الحب فسيشعر الإنسان أنه غير منتمى إلى أرضه، ولن يكون في داخله أية أهداف ليحققها في سبيله، وربما لا يشعر الشخص بداية أن لغياب هذا الحب أثر.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى