مقال

نفحات إيمانية ومع الإنسان ما بين الكراهية والبغضاء “جزء5”

نفحات إيمانية ومع الإنسان ما بين الكراهية والبغضاء “جزء5”

بقلم / محمــــد الدكــــرورى

 

ونكمل الجزء الخامس مع الإنسان ما بين الكراهية والبغضاء، فإنه حلال أكذب إن استطعت الإصلاح بين الناس، أكذب لكي تزول الضغينة والبغضاء من القلوب، فقل أن الشخص لم يقل فيك كذا، أو أنا كنت حاضرا، ما ذكر هذه الكلمة، فإن الكذب فيها هنا حلال، كل ذلك من أجل أن تلتئم قلوب المؤمنين، وأن تتصافى النفوس، وأن يكون المجتمع متآخيا مترابطا على هدي هذه الشريعة، فإن هناك كثير من الآداب المفقودة بين المسلمين، وهذه الآداب المفقودة تسبب أنواعا من الوقوع في الإثم والعدوان، وكثير ممن الناس يستهينون بباب الأخلاق والآدب مع أن باب الأخلاق والآداب من الأمور العظيمة التي هي من مزايا هذه الشريعة ومن محاسنها.

 

وبعض الناس يهتمون بأمور المعتقد والفقه والعلم، وينسون أن هذا الدين متكامل لا بد أن يكون المسلم فيه متخلقا بأخلاق الإسلام، متأدبا بآداب الشريعة، ومن مآسينا في هذا الزمان، وفي ضمن دائرة الابتعاد التي ابتعدنا فيها عن الإسلام يوجد هناك كثير من النقص، وكثير من العيب، ومن ضمنه هذه الأمور المفقودة في باب الأخلاق والآداب، وهذا باب واسع جدا، فقد تفشي داء الحقد في هذا الزمان، وإن الحقد مرض خطير، ومرض متفش في هذا الزمان، وكثير من الناس يحقدون على بعضهم البعض، والحقد بين المسلمين من مآسينا في هذا العصر، والحقد من معانيه الضغن والانطواء على البغضاء وإمساك العداوة في القلب والتربص لفرصتها.

 

أو سوء الظن في القلب على الخلائق لأجل العداوة أو طلب الانتقام، والغضب إذا لزم كظمه لعجز عن التشفي فورا رجع إلى الباطل واحتقن في النفس فصار حقدا والحقد من مرادفاته الضغينة والغل والشحناء والبغضاء، وغيرها، وموضوع الحقد موضوع خطير جدا لأنه يؤدي إلى مهالك، فالحقد قد يتداخل مع الحسد والغضب، ولكن هناك اختلاف، فالحقد رذيلة بين رذيلتين لأن له ثمرة الغضب، الحقد يتولد من أي شيء؟ يتولد من الغضب، وهو يثمر الحسد ويؤدي إليه، فاجتمع في الحقد أطراف الشر، والحقد حين تحليله يتبين من عناصره، الكراهية الشديدة والبغض العنيف، والرغبة في الانتقام وإنزال السوء بمن يكرهه الحاقد.

 

وتخزين العنصرين السابقين في قرارة النفس وتغذيتهما بالأوهام والتصورات والاسترجاعات المختلفة للمشاهد، مع مثيرات جديدة للكراهية والرغبة في الانتقام، وتتفاعل هذه كلها تفاعلا يأكل نفس الحاقد من الداخل، وتتغلغل هذه الدوافع في النفس تغلغلا يسبب فعلا التآكل الداخلي والانهيار في النهاية في نفس الحاقد، ولكي نبين كيف يتولد الحقد من الغضب، نقول إنك قد تغضب على إنسان أو أن الشخص قد يغضب على أخيه أو على إنسان فيريد منه الانتقام، فإذا لم يستطع أن ينتقم منه ليشفي غيظ قلبه ويثأر لنفسه، ولم يستطع أيضا أن يصفح عنه ويسامح لأنه لا يقدر على ذلك، لا استطاع الانتقام ولا استطاع المسامحة ماذا يحدث؟

 

وتتخزن هذه الطاقة الكريهة في النفس، ويحتقن هذا الحقد في النفس، ويظل دفينا يتحرك ويشتعل داخليا، كلما رأيت الإنسان الذي أنت تحقد عليه، وكلما ذكر اسمه على مسمعك، أو تذكرت شيئا من أفعاله وأقواله، أو مشهدا من المشاهد التي حصلت فيها لهذا الشخص مواقف معك، تتفاعل هذه الغريزة عندك أو هذا الخلق من الحقد، والمسألة باختصار هو اختزان وإمساك العداوة والبغض في القلب واستمرار تفاعلها، وهذا المرض له آثاره المدمرة على نفس الحاقد لأنه يشغل القلب، ويتعب الأعصاب، ويقلق البال، ويقض المضجع، وقد تظلم الدنيا في وجه الحاقد، وتضيق به على سعتها، وتتغير معاملته حتى لأهله وأولاده لأن الحقد يضغط عليه من كل جانب.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى