مقال

نفحات إيمانية ومع نشأة أبو حنيفة النعمان ” جزء 2 “

نفحات إيمانية ومع نشأة أبو حنيفة النعمان ” جزء 2 ”

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء الثانى مع نشأة أبو حنيفة النعمان، فقالوا له تقرأ القرآن على الناس وتعلم الصبيان القرآن، يقول ثم ماذا؟ يقولون فإذا كبرت، خرج من الشباب من هو أقدر منك على القراءة فيسبقك، فقلت لا أريد أن أدخل هذا، فسألت عن الحديث، فسألت فمن أقدر الناس في الحديث؟ فماذا أفعل إذا تعلمت الحديث؟ يقولون تحفظ الحديث ويتعلم منك الناس الحديث حتى تصير أعظم الناس تحديثا، فقلت فماذا يكون بعد ذلك؟ يقولون تكبر فيضعف حفظك فتنسى الحديث، وربما تتهم بالكذب، فقلت لا أريد أن أدخل في الحديث، فماذا عن الشعر؟ يقولون تحفظ الشعر يقول فإذا حفظت الشعر وصرت أفضل الشعراء، فماذا يكون بعد ذلك؟ يقولون يعطيك هذا فتمدحه ويمنعك هذا فتذمه.

 

فقال”لا أريد هذا، فماذا أيضا؟ يقول حتى قالوا لي الفقه، فقالوا لي تعلم الناس وتفتي الناس وربما تكون قاضيا وأنت شاب صغير، فقلت أريد هذا العلم، يقول فذهبت إلى الشعبي، فقلت له أتراني أقدر على الفقه؟ فقال ذلك ما أردت لك، فسألت فمن أفضل الناس في الفقه؟ فقيل لي حماد بن أبي سليمان، فقلت سألزمه، فلزمت حماد” فقضي ثمانية عشر سنة مع أستاذه حماد بن أبى سليمان يتعلم منه ويستفيد منه، والعجيب أن حماد قبل، عندما ذهب إليه قال ماذا تريد؟ قال أتعلم العلم، قال وماذا عن التجارة؟ قلت لن أتركها، قال أحسنت، إذن تتعلم عندي كل يوم ثلاثة مسائل فقط، ثلاثة مسائل كل يوم، فالبحر أو السيل من القطر، والجبل من الحصى.

 

وطريق الألف ميل يبدأ بخطوة، فبدأ بثلاثة مسائل ولكن بعد ثلاث سنوات، بدأ حماد يشعر بأن تلميذه هذا نضج، فبدأ يجلسه بجواره في الحلقة يتحدث وقتما يشاء، فأصبحت حلقة مشتركة، كل هذا وهو في أوائل العشرينيات من عمره، إنه الإمام الفقية أبو حنيفة النعمان، ولد الإمام أبو حنيفة سنة ثمانين من الهجرة وتوفي سنة مائة وخمسون هجرية، فقد ولد في الكوفة، والكوفة لم تكن مدينة صغيرة فقط بل كان بها مسجد ضخما جدا في ذلك الوقت يسع أربعين ألف مُصلى، وعندما ترك الإمام علي بن أبي طالب رضى الله عنه المدينة وانطلق إلى العراق، أقام في الكوفة وجعل هناك مركز الخلافة الإسلامية، فاختار واحدا من أكثر الصحابة علما، وأرسله إلى الكوفة.

 

وهو الصحابى الجليل عبد الله بن مسعود رضى الله عنه، وقال لهم أرسلت إليكم ابن مسعود معلما ووزيرا، ولقد اخترته لكم لأنه من أعلم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وبذلك تكون الكوفة لها طبيعة خاصة، ومدرسة خاصة، وهي مدرسة علي بن أبي طالب، ومدرسة ابن مسعود، وهي قريبة من مدرسة الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضى الله عنه، فقد كانوا دائما يفكرون بفكر متطور ونظرة للمستقبل، فهذه حركة عظيمة ورؤية بعيدة للإمام علي بن أبي طالب رضى الله عنه في التعايش، لأن المدينة كانت مركز الإسلام في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وأبو بكر وعمر وعثمان رضى الله عنهم أجمعين، فلماذا فعل الإمام علي بن أبى طالب هذا؟

 

لأن كل المشاكل كانت تأتي من العراق، فأراد الإمام علي كما تعلم من النبي صلى الله عليه وسلم أن يكون بجوار المشاكل حتى يكون أقدر على حلها، ألا تذكرون أهل الصُفة الفقراء وهم فقراء المهاجرين، وما فعل النبي صلى الله عليه وسلم معهم؟ فقد أسكنهم بجوار المسجد النبوي ليكونوا بجواره فيكون أكثر رعاية وأكثر تقديرا لهم، وإن من أسماء أبو حنيفة هو الإمام الأعظم، وقد سموه هكذا في التاريخ، واسمه الثاني إمام الأئمة، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال لهم “المؤمنون كأسنان المشط لا فضل لعربي على عجمي إلا بالتقوى” وهذه أول نقطة في التعايش” وكان أقوي رد علي الملحدين والمشككين في وجود الله والدين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى