مقال

نفحات إيمانية ومع مفهوم الجهاد والشهادة ” جزء 5″

نفحات إيمانية ومع مفهوم الجهاد والشهادة ” جزء 5″

بقلم / محمــــد الدكـــــرورى

 

ونكمل الجزء الخامس مع مفهوم الجهاد والشهادة، وإن الإرهاب كلمة مقصورة محصورة في الإقدام على القتل والتخويف، والخطف والتخريب، والسلب والغصب، والزعزعة والترويع، والسعي في الأرض بالفساد، فالإرهاب إزهاق للأرواح المعصومة، وإراقة للدماء المحترمة، من غير سبب مشروع، وإن الإرهاب لا يعرف وطنا ولا جنسا، ولا دينا ولا مذهبا، ولا زمانا ولا مكانا، وإن المشاعر كلها تلتقي على رفضه واستنكاره، والبراءة منه ومن أصحابه، فهو علامة شذوذ، ودليل انفراد وانعزالية، فإن هذا إبراز لصورته الكالحة، وآثاره المدمرة، والتأييد العالمي، والتكتل الدولي مطلوب من أجل مكافحته.

 

فيجب على كل عاقل بغض النظر عن جنسيته أو ديانته، أو لونه أو هويته، أن يعلن الحرب على الإرهاب الغاشم الظالم، والمسلم حين يُدين الإرهاب، فإنه لا يستمد موقفه هذا وإدانته تلك من إعلام الإثارة والتهويل، ولكنه إدانة من مسلم منطلق من إسلامه الذي يمنع قتل النفس التي حرم الله تعالى إلا بالحق، وإن الإسلام يؤكد كل معنى الحماية للمدنيين والعزل والضعفة ممن ليسوا أهلا للقتال، وليسوا في حال قتال، وإن ابن آدم الأول قابيل حين قتل أخاه ظلما فباء فإثمه وإثم أخيه، فقال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم عن عبد الله بن مسعود عنه صلى الله عليه وسلم قال ” لا تقتل نفس ظلما إلا كان على ابن آدم الأول كفل منها، لأنه كان أول من سن القتل ”

 

ويتحمل قابيل بن آدم كفلا من كل دم إنساني يسفح عدوانا في الماضي وفي الحاضر والمستقبل، فهى أكوام من الآثام المتراكمة، لماذا؟ لأنه أول من استباح دم نفس إنسانية، وأول من بسط يده بالقتل، وإن الإسلام يعظم حرمة الدم الإنساني، الويل ثم الويل لمن يقتل أنفسا، ويروع آمنين، ويدمر ممتلكات، يقصدهم في مساكنهم وأسواقهم، ومرافقهم، في أسواق ومرافق تعج بالرجال والنساء والأطفال، وإن المسلمون حين يقفون مع العالم كله في هذا الشجب والإدانة والاستنكار للإرهاب ومحاربته، فإنما يشاركون في ضبط المسار، وترشيد الوجهة، والبعد عن صراع الحضارات، وإنها فرصة مناسبة لمراجعة الأوضاع، والنظر في السياسات في حقوق الإنسان.

 

وضوابط الحرية، ومقاييس العدل، والتعامل مع كل هذه المبادئ، كقيم جوهرية، وحقائق ثابتة، بعيدا عن الانتقائية المصلحية، فإن المطلوب هو نظر شمولي يتوجه إلى معالجة المشكلة، لا إلى إيجاد مشكلة، أو مشكلات تكون أكثر أو أكبر، علاج بعيدا كل البعد عن عقلية الانتقام والقتل والتدمير، وإثارة نزاعات حضارية ودينية وعرقية، تضع العالم كله في ميدان حرب أو حروب لا نهاية لها، بل تقودها إلى جرائم تولد جرائم، فإن الأمر يحتاج إلى سياسات جديدة لا إلى حروب جديدة، يجب أن يسود العقل والمنطق والنظام، لا بد من تجاوز العواطف وردود الأفعال من أجل قرارات حكيمة، لا ينبغي أن تبنى السياسات الدولية على الثأر والانتقام فذلكم مصيدة مخيفة.

 

وشراك مميتة، في عالم متقدم يسوده النظام والقانون، وحذار أن يدفع الإرهابيون عقلاء الأمم ليفكروا بالطريقة الإرهابية نفسها، وهى تلك الطريقة الحمقاء، التي تعتمد على الكراهية والتمييز والانتقاء، حذار من تسميم العقول، وتسميم الخطاب، وتسميم التفكير، فيا عقلاء العالم، إن الفرق كبير بين تحرّي العدل والعدالة، وطغيان عقلية الثأر والانفعالية، والبون واسع بين الرؤية الشمولية السالمة من الانتقائية والانحيازية، وبين اعتماد حلول عاجلة باطشة، وهي أشبه بالمسكنات الآنية، ولكنها ربما تضاعف من ظاهرة الإرهاب، وتزيد من شراستها، وتغلغلها، الحذر من الوقوع في فخ الإرهاب حين علاج الإرهاب، ويجب أن تصدر الأحكام بأناة وهدوء.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى