مقال

نفحات إيمانية ومع الزواج وتنظيم النسل ” جزء 6″

نفحات إيمانية ومع الزواج وتنظيم النسل ” جزء 6″

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء السادس مع الزواج وتنظيم الأسرة، وإن من أجل تحقيق هذا المقصد العظيم، لقد شرع الإسلام المبادئ والتشريعات لهذا الموضوع ومنها الوسيلة الأولى وهى الإيجاد وتحقيق المصالح، فحفظ النسل في الشريعة الإسلامية مرتبط بقضية جوهرية وأساسية، وهي قضية وجود هذا النسل، حيث وضعت الشريعة الإسلامية منهجا واضحا ومحددا، يتمثل في نظام النكاح الإسلامي، ليكون الطريق الشرعي الوحيد الذي يوجد منه النسل، وهذا المنهج يتضمن عدة محاور، وهي مشروعية النّكاح حيث شرع الإسلام النكاح، ورغب فيه، واعتبره الطريق الفطري النظيف، الذي يلتقي فيه الرجل بالمرأة، لا بدوافع غريزية محضة.

 

ولكن بالإضافة إلى تلك الدوافع، يلتقيان من أجل تحقيق هدف سام نبيل، وهو حفظ النوع الإنساني، وابتغاء الذرية الصالحة التي تعمر العالم، وتبني الحياة الإنسانية، وتتسلم أعباء الخلافة في الأرض، لتسلمها إلى من يخلف بعدها حتى يستمر العطاء الإنساني، وتزدهر الحضارة الإنسانية، في ظل المبادئ النبيلة، والقيم الفاضلة، وإن النكاح هو عقد الزواج الذى يحل به الوطء وقد اتفق العلماء على أن النكاح في حالة التوقان والخوف من الوقوع في الحرام واجب، وأما في حالة الاعتدال فقال الجمهور بأنه مندوب وكذلك فإن الزواج له مقصد أصلي، ومقاصد أخرى تبعية مكملة للمقصد الأصلي، وهو المحافظة على النسل، وحفظه من الانقطاع.

 

وأن الله تعالى خلق الشهوة في الرجل والمرأة كقوة دافعة، وقاهرة في كلا الطرفين كي تكون سببا تجعل كلا منهما يتطلع إلى لقاء الآخر بوازع طبيعي قاهر، ولا يختلف عن وازع الأكل والشرب إلا بالاعتبار، والمصلحة الأصلية لمشروعية الزواج هي المحافظة على النسل إيجادا وإبقاء، لذا أجمع العلماء على أن المحافظة على النسل من المقاصد الضرورية الخمسة، وعلى هذا فإن فكرة تحديد النسل، ومحاربة تعدد الزوجات، تناقض قصد الشارع الحكيم إن كانت مبدأ عاما لحياة الأمة الإسلامية، وأما في حالة الضرورة الخاصة فإن ذلك يُقدّر بقدرها، ويخضع لأحكامها، وأن هناك فارق كبير بين تنظيم الحمل ومنع الحمل.

 

فإن تنظيم الحمل هو قيام الزوجين بالتراضي بينهما باستعمال وسائل معروفة ومشروعة، لا يُراد من استعمالها إحداث العقم أو القضاء على وظيفة جهاز التناسل، بل يُراد بذلك الوقوف عن الحمل فترة من الزمن، لمصلحة ما يراها الزوجان، أو من يثقان به من أهل الخبرة، والسبب الباعث على تنظيم الحمل هو مراعاة حال الأسرة وشؤونها، من صحة، أو قدرة على الخدمة، مع مراعاة الإبقاء على استعداد جهاز التناسل للقيام بوظيفته، أما حكم منع الحمل، فإن منع الحمل وقطعه بالكلية لا يجوز شرعا، إلا إذا قرر الأطباء أن الحمل يسبب موت المرأة، أو تعب الأم بسبب الولادات المتتابعة، أو ضعف بنيتها، أو غير ذلك.

 

ومما يدل على عدم الجواز هو ما علم من حث الشريعة على الإكثار من النسل والترغيب فيه، ونهي الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم عن الاختصاء والتبتل، فهذا وإن كان في حق الرجل، فيقاس عليه المرأة، وأما عن حكم تحديد النسل فقد اتفق العلماء على أنه لا يجوز للمرء أن يعطل أي عضو من أعضائه عن أداء وظيفته، فعن جابر بن عبد الله الأنصارى رضى الله عنه قال، جاء شاب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ” أتأذن لى فى الخصاء؟ فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم ” صم وسل الله من فضله ” وقال ابن حجر رحمه الله، هو نهي تحريم بلا خلاف في بني آدم لما تقدم، وفيه أيضا من المفاسد تعذيب النفس والتشويه مع إدخال الضرر الذي قد يفضي إلى الهلاك.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى