مقال

نفحات إيمانية ومع كلام سيد الآنام ” جزء 1″

نفحات إيمانية ومع كلام سيد الآنام ” جزء 1″

بقلم / محمـــد الدكــــرورى

 

إن أهل الحديث هم أكثر الأمة صلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، وقد قيل في قوله تعالى فى سورة الإسراء ” يوم ندعو كل أناس بإمامهم” وإنه ليس لأهل الحديث منقبة أشرف من هذه، لأنه لا إمام لهم غيره صلى الله عليه وسلم، ويكفي أهل الحديث شرفا وفضلا دخولهم في دعوة النبي صلى الله عليه وسلم حين قال ” نضّر الله امرأ سمع منا حديثا فحفظه حتى يبلغه، فرب حامل فقه إلى من هو أفقه منه، ورب حامل فقه ليس بفقيه” وقال سفيان بن عُيَينة ” ليس من أهل الحديث أحد إلا وفي وجهه نضرة لهذا الحديث، كما أن الاشتغال بعلم الحديث تبليغ عن رسول لله صلى الله عليه وسلم، وامتثال لأمره، حين قال صلى الله عليه وسلم ” بلغوا عني ولو آية ” رواه أحمد.

 

وقد بشّر رسول الله صلى الله عليه وسلم بحفظ هذا العلم، وأن الله عز وجل يهيء له في كل عصر خلفا من العُدُول ، يحمونه وينفون عنه التحريف والتبديل، حماية له من الضياع، وكفى بذلك شرفا وفضلا، فقال صلى الله عليه وسلم ” يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله، ينفون عنه تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين” رواه ابن عبد البر، وكان الإمام الشافعي رحمه الله يقول” لولا أهل المحابر، لخطبت الزنادقة على المنابر ” ومما يدل أيضا على شرف الحديث وأهله، ما ورد عن السلف والأئمة من تعظيم للسنة، وإجلالهم لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويقول عمرو بن ميمون” ما أخطأني ابن مسعود عشية خميس إلا أتيته فيه.

 

قال فما سمعته يقول بشيء قط قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما كان ذات عشية قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فنكس، قال فنظرت إليه فهو قائم محللة أزرار قميصه، قد اغرورقت عيناه، وانتفخت أوداجه ” رواه ابن ماجة، وكان ابن سيرين إذا ذكر عنده حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يضحك خشع، واشتهر عن الإمام مالك رحمه الله في ذلك أَكثر من غيره، فكان إذا أَراد الحديث اغتسل وتطيب ولبس أحسن ثيابه وجلس على منصة خاشعا، ولا يزال يبخر بالعود حتى يفرغ من الحديث، ويقول أحب أن أعظم حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان يكره أَن يحدّث وهو قائم أو مستعجل، وما ذاك إلا تعظيما للنبي صلى الله عليه وسلم.

 

وإجلالا لحديثه وكلامه، وحين بعث الله رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم فقد بعثه بالحق ليكون للأميين بشيرا، وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا، وحين حمّله الأمانة، وألقى على كاهله توصيل الرسالة وكان لا بد وأن يمده بالمؤيدات التي تعينه على أداء رسالته، وتحقيق غايتها الإلهية التي بعثه الله تعالى من أجلها وكان من هذه المؤيدات الدعم الأدبي، والتأييد الرباني، الذي تجلى في أوامره الإلهية جلت قدرته لعباده المؤمنين، فقال تعالى فى سورة النساء ” من يطع الرسول فقد أطاع الله ” وقال تعالى فى سورة المائدة “وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول واحذروا ” إن من فضل التعظيم للحديث النبوى الشريف، والحرص على نقله.

 

والتأسي به صلى الله عليه وسلم، في الدقيق والجليل، هو من أعظم علامات محبته صلى الله عليه وسلم، والمرء مع من أحب يوم القيامة، وقد جاء في صحيح مسلم عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال “جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال يا رسول الله، متى الساعة ؟ قال صلى الله عليه وسلم، وما أعددت للساعة ؟ قال حب الله ورسوله، قال صلى الله عليه وسلم، فإنك مع من أحببت” قال أنس فما فرحنا بعد الإسلام فرحا أشد من قول النبي صلى الله عليه وسلم، فإنك مع من أحببت، قال أنس فأنا أحب الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، وأبا بكر وعمر، فأرجو أن أكون معهم وإن لم أعمل بأعمالهم ” وإن أهل الحديث هم أولى الناس بهذا الوصف.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى